د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
يعرض في هذا الفصل لقواعد طبقت زمنًا ثم توقف تطبيقها:
1 - تحوّل الصوت (p) إلى نظيرها المستمر (فاء)، وهي أصل الفاء في العربية والأثيوبية، أما اللغة السامية فليس فيها فاء، وبهذا حولت العربية الألفاظ الدخيلة مثل (فردوس) من اليونانية paradhisos وفلفل من الفارسية pelpel، ثم صار التحويل للنظير المجهور (باء) مثل بترول من اللاتينيةواستمر في العصر الحديث مثل باريس Paris.
2- تحول الجيم إلى ياء، في بعض لهجات الخليج مثل رجّال: ريّال، جمعة: يمعة، دجاجة: دياية، وأضيف هنا أنها ظاهرة معروفة في جنوب الجزيرة، وفي حوطة بني تميم(1) وهي ظاهرة قديمة حفظتها كتب التراث، قال ابن جني «قوله تعالى: {هذه الشِّجَرة} وأن كسر (الشجرة) لغة سليم 73، الشِّيرَة لغة فيها 74، قد تبدل الجيم من الياء»(2). وقال إن تطبيقها توقف بدليل أن ما تحول من القاف البدوية (الجيم القاهرية) إلى جيم لم يكن تحويلها للياء فقيل في (قدر): جدر، لا يدر، وقاسم: جاسم لا ياسم، ولعل هذا متوقف فيه فتغيير القاف إلى جيم قديم أيضًا ومن ذلك «انباجت عليهم بائجة من الدهر، وانباقت عليهم بائقة، وهي البوائج والبوائق: أي الشدائد والدواهي... زرجته بالرمح أزرجه زرجًا، وزرقته به أزرقه زرقًا: إذا طعنته به طعنًا سريعًا»(3).وأحسبهم يفرقون بين ما حول عن قاف وعن الجيم الأصلية، وقال إن ما تغير في مرحلة يتوارث لأن الحروف المتغيرة عدت عندهم أصلية فاستمروا في قولهم ريّال ونحوه، ولكن ما سوى ذلك من الجديد الدخيل من لغة أخرى أو من الفصحى لا تغير جيمه كما في (كراج) و(جامعة)، وهذا الذي يقوله صحيح ففي الكويت تجد (يامعة) لما كان يعلق في رقبة الطفل من تميمة جامعة لأدعية وأذكار، و(جامعة) لمؤسسة التعليم بعد المرحلة الثانوية، وهم يقولون في (قاسم) جاسم؛ ولكن من يفد إليهم واسمه قاسم يغيرون قافه إلى غين (غاسم)، ويتعجبون إذا علموا أن (جاسم) أصله (قاسم) لأنهم يعدون الجيم أصلًا في (جاسم)، ولا تكاد تصادف تغيير القاف جيمًا في وسط نجد سوى في لفظ واحد يقولون في يقسّم يجسّم.
... ... ...
(1) محمد الباتل الحربي، اللهجة المحكية في حوطة بني تميم، مركز حمد الجاسر الثقافي.
(2) ابن جني المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها،1: 371.
(3) أبو الطيب اللغوي، الإبدال اللغوي، 1: 241-242.
(4) داود عبده، دراسات في علم أصوات العربية، 2: 99.