الثقافية - محمد هليل الرويلي:
غاول سيرك يا أعرابي حتى نعبر أطراف الصحراء إلى طرفها الآخر. وسنحدثك عن الأمجاد التي سابقت هبوب الرياح الجنوبية على شفا الأساطير التاريخية وأخاديد الفجر الأول من جبل عوينات إلى وادي مثندوس. هنا عاش (الجرمنتيين), عَلسيّهم جبار أشديد البنية العظيمة, هؤلاء أنسال أجدادنا الأوائل. عاشوا بين القبائل الإفريقية في منطقة مبهمة في مملكتهم الأسطورية. مقابرهم رسوماتهم والعربات والنقوش الموشومة على كفوف الزمن وكهوف جغرفة المستوطن. رفعت ذات حكمة شطرها لتروي به ظمأ من أراد أن يترع من مستطاب المَذَق المشبع بأمجاد التاريخ: قف ولاتمر خفافًا فأنت في ليبيا وطن الشمس، والريح، البحر والجبل والأعراق.. صدقًا حدثنا يا أعرابي: هل ما زالت صورة عمر المختار التي جسد شخصيتها الممثل المكسيكي «أنطوني كوين» في الفلم (أسد الصحراء), عالقة في ذاكرتك حين كنت طفلا, أما زلت تتذكر حبل المشنقة, والنظارة... والكلمة التي قالها ومضى مرددًا الشهادة «نحن لن نستسلم ..ننتصر أو نموت», لن نثقل على خدك الدمع يا أعرابي ونجترح عينيك يا ضيفنا, فما جئتنا لتقف على القبور, تعال لنعطيك نسخة من «جريد طرابلس الغرب» 1866م, هل تعلم يا أعرابي أن جريدتنا هذه صدرت قبل صدور جريدة الأهرام المصرية بأعوام، وأن ديوان مصطفى بن زكري 1892م، هو أول ديوان شعري ليبي مطبوع عندنا.
تعال معنا يا أعرابي وسنحدثك عن: المؤرخ واللغوي الشيخ الطاهر الزاوي مفتي الديار يرحمه الله, وخليفة التليسي أحب كتاب «من جبران إلى الشابي» الذي عين سفيرًا ووزيرًا, وعلي فهمي خشيم, وصادق النيهوم, ونحدثك عن الليبيات: حميدة العنيزي, وزعيمة الباروني, ورائدة العمل الإذاعي في ليبيا خديجة الجهمي, وصاحبة رواية «هذه أنا» شريفة القيادي.
ليبيا.. الهوية الثقافية الجامعة
وصف أستاذ الأدب والنقد وعميد سابق لكلية التربية بجامعة مصراتة الدكتور حسن الأشلم. ليبيا بالفضاء التاريخي العظيم، وروح كل الحضارات والعصية على التصنيف عند تحديد ملامح هويتها، لكونها ظلت عبر تاريخها ساحة لنفوذ الحضارات وصراعاتها، التي تركت بصمتها في الثقافة والبشر والعادات والحجر. وقال «الأشلم»: ليبيا الجنوبية السمراء التي تضرب بجذورها في إفريقيا الصحراء؛ فها هنا كان الجرمنتيون، أقوامًا ما قبل التاريخ آثارهم ونقوشهم على الأكاكوس وتاسيلي وأهرامات مدفونة في الرمال، وها هنا أقدم مؤمياء في التاريخ «طفل الموهينا» منذ سبعة آلاف عام، وصولا إلى تمبكتو في الساحل الصحراوي بعبقها الإسلامي. كما أن ليبيا ببعدها المغاربي تعد بوابته وتخومه ومعبره إلى الشرق العظيم قرطاجنة والأندلسيون والفاطميون والأغالبة والحفصيون والمرابطون. هذه لييبا بروحها المشرقية التليدة الفراعنة والفرس والعرب يفتحون للدين والحضارة طريقًا، فكانت قبور الصحابة في درنة وزويلة شواهد ومنارات لهم.
أما ليبيا شمالا فكما قال عنها تشرشل: (البطن الرخو للتمساح الأوربي الخشن), إغريق ورومان وبيزنطيون ووندال وإسبان وفرسان قديس يوحنا. هنا شواهدهم: شحات وسوسة وصبراتة ولبدة وطرابلس. إنها فضاء كل الثقافات, فيها تجدد شبابها وتترك آثارها. قالها هيردوت ورحل: (من ليبيا يأتي الجديد).
جريدة طرابلس الغرب ظهرت قبل «الأهرام المصرية»
وأكد أن هذا العمق ساعد على تشكل هوية ثقافية منفتحة على الآخر، بعد أن ظلت هذه الهوية مرتهنة لتجاذبات صراع الحضارات، غير أن هذه الهوية لم تتبلور في ملامح الكيان في بعدها الجامع الحديث إلا خلال فترة (الحكم القرمانلي 1711 / 1835م)، الذي شكل نوعًا من الحكم الذاتي شبه المركزي داخل الدولة العثمانية؛ فجمع أطرافها الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، تلا ذلك مراحل أخرى, حتى بدأت تظهر معالم لنوع من الحراك الثقافي فظهرت «جريد طرابلس الغرب» 1866م, قبل أن تظهر جريدة الأهرام المصرية بأعوام، وتشكلت ملامح تواصل أدبي وثقافي فكان ديوان مصطفى بن زكري 1892م، أول ديوان شعري ليبي مطبوع، وظهرت إلى الوجود الكتابة القصصية في صحافة نشطت قبيل الحرب الإيطالية التي أحرقت الأخضر واليابس، وأدت إلى توقف الحركة الثقافية أكثر من عشرين عاما.
مجلة ليبيا المصورة
وأضاف: أما في مطلع الثلاثينيات بعد أن صمتت المدافع, فأزهرت فيها ملامح الحركة الثقافية من جديد, وظهر أدباء وشعراء ونقاد, جمعهم العمل السياسي وكانوا صدى لتفاعل ثقافي في المهجر، فكان لمجلة ليبيا المصورة منتصف الثلاثينات دور بارز فيها, فلمع شعراء كأحمد الشارف شيخ الشعراء، وأحمد رفيق المهدوي شاعر الوطن، وإبراهيم الأسطى عمر رائد الاتجاه الوجداني، ورواد القصة القصيرة راسم قدري ووهبي البوري. وعلى الرغم من انتكاسة الحرب العالمية الثانية, إلا أن هذه الجذوة لم تخْب, إذ إن الحركة الثقافية عادت بشكل أقوى لتعلن ميلاد أدب ليبي مكتمل النضج يؤدي دوره في بناء كيان سياسي وليد ناهض من ركام حروب لم تعطه الفرصة لالتقاط أنفاسه، كما كان «عودة المهجريين» بعد انتهاء الحرب الثاني عاملا مهما أسهم في رسم ملامح نهضة ثقافية وأدبية واكبت الاستقلال، فكان جيل من الأدباء والنقاد المؤسسين، أدباء وشعراء وقصاصون وروائيون ومسرحيون وموسيقيون وصحافة زاهرة, وملامح حركة نقدية رسخت هوية الأدب الليبي بداية من مقالات أحمد رفيق المهدوي الداعية إلى التجديد منتصف الثلاثينيات.
سؤال جدلي في ليبيا يثير معركة؟!
وصولا إلى حراك نقدي في الخمسينيات قاده خليفة التليسي الذي أثار معركة نقدية من خلال طرحه سؤالا جدليا هل يوجد لدينا شعر وشعراء ليبيون؟ وتبعه كامل المقهور بمقولته المستحثة: قصتنا بنت حرام في إشارة إلى موجة «التقليد» التي سادت قصص تلك الفترة، وليستمر الحراك النقدية عبر الصحافة الأدبية في السبعينيات والثمانينيات لتغطي قصور النقد الأكاديمي فبرز أعلام في النقد الصحفي كسليمان كشلاف، وأمين مازن، وكامل عراب، وخليفة حسين مصطفى، ورمضان سليم، وفوزي البشتي، إلى أن استلم النقد الأكاديمي الراية في منصف التسعينيات الذي شهد عناية لافتة من قبل الجامعات في التأصيل للأدب الليبي وتتبعه. إن هذا العرض الموجز في رحلة «المجلة الثقافية» الذي قدمناه إنما هو لمحات لمنارات من أدباء ليبيا ونقادها ومبدعيها المضمخين بعبق هوية ثقافية جامعة، تضرب جذورها المتنوعة في أعماق تاريخ جدير بأن يبرز ويحتفى به.
الشعر الليبي الحديث
وحول الحركة الشعرية في ليبيا أكد رئيس وحدة اللغات بالتفتيش التربوي، والمحاضر في قسم اللغة العربية في جامعة مصراتة الناقد «كامل الكرشيني»: أن الشعر في ليبيا يفرد جناحيه على امتداد المساحة الزمنية التي مر بها تشكل الكيان في ليبيا، فشارف تعداد قوافل الشعراء -في مطلع الألفية الثانية- لاثنين وثلاثين وثلاثمائة شاعر، كما أن المراقب لحركة الشعر الليبي يلاحظ تفاعل خصائصها مع الشعر عند شقيقاتها العربيات. إذ يمكن تقسيم تاريخ الشعر الليبي، إلى: شعر تقليدي، يمتح من عمود الشعر العربي إيقاعاته، وصوره، ومواضيعه، وقد ظهر في وجهه الإحيائي مطبوعًا، مع ظهور ديوان ابن زكري المنشور عام 1892م، الذي كلف فيه بالمحسنات البديعة، وإيقاع الموشحات:
بين آس وأقـــاح .. وصبوح وصبــاح
روح الروح براح.. واغتنم صفو الحياة
ومن ثم صدر ديوان سليمان الباروني المنشور 1909م وأمثالهما، وتلاحظ فيها الروح الدينية والرغبة الجامحة في الإصلاح، وتوثب الروح الوطنية في هذا الوجه، ومنه قصيدته التي مطلعها:
وداعا يا ديار العز حتى .... أعود إليك في أهنا نهار
التي عبر فيها عن مطالب القطر الليبي التحديثية وانتهى بتهديدهم برحيله إذا لم يسعوا لذلك؛ متكئًا على حظوته لديهم؛ وهو قائد من قادة حركة الجهاد وسياسي وعلم إسلامي عربي:
فهموا واصدقوا فالصدق فيكم .. عريق واحفظـوا حق الديار
وإلا فالــوداع وكل قطــر .. به الإسـلام يصلح للقــرار
وأضاف «الكرشيني»: ومع مرور السنين أسفر وجه تقليدي كلاسيكي جديد، أكثر تمرسًا في التصوير وتعبيرًا عن الذات ونفوذًا إلى الوجدان، وعذوبة في اللغة قاده ثلة من الشعراء على رأسهم الشاعر أحمد رفيق المهدوي، الذي ركب موجة الدعوة إلى التجديد في الشعر، صرح ببعضها في قصيدته:
أما آن للشعر أن يستـقــل .. ويخلص من ربقة القافيــه؟!
فقد طـــال، والله تقييده
بتقليدنـا الأعصر الخـاليـه
إلام نسير بوزن الخلــيـل
ونرسف في قيده العـــائق
وللشعر في كـل لحن جمـيل
مجال، مع النغم الشـائق؟!
سل الموسيقار عن النغمــات
أيمكن للفن تحديدهـــا
فمـا بالنـا في (فعول فعول)
وقفنا نحــاذر تجديدهـا
إذا كـان بالوزن فيمـا مضى
عرفنا من الشعر تلك البحور
أنعجز بــالوزن،عن أن نزيد
بحــوراً، تزيد بمر الدهور
ومن هؤلاء الشاعر أحمد الشارف، الذي كان يمتح من الأجواء الصوفية، والنزعة الوطنية كالتي أثثت قصيدته الشهيرة التي مطلعها:
رضينا بحتف النفوس رضينا
ولم نرض أن يعرف الضيم فينــا
ولم نرض بالعيش إلا كريمًا
ولا نتقي الشـــر بل يتقينـا
بالإضافة إلى رجب الماجري، وحسن السوسي، وعبد ربه الغناي، وإبراهيم الهوني، وإبراهيم الأسطى عمر وهذا الأخير ديوانه يتمايس بإيقاعه العذب:
قل لي بربك يا رجب .. دربي فأمرك من عجب
ماذا تقاسي أن صرعت ...وما تحس مــــن الكرب؟
إني أشــــاهد فيك مــــا... يدمي فؤادي المضطرب
فتشنــــجٌ.. وتقــــلبٌ وتصلب مثــــل الخشب
حينــــــًا تئن وتــــارةً عزريل نحــــوك يقترب
أما القسم الثاني في الشعر الليبي فهو «شعر التفعيلة» الذي ظهر في دواوين بعض الشعراء كرجب الماجري وحسن السوسي موازيًا للشعر التقليدي العمودي، بالإضافة للشاعر محمد مفتاح الفيتوري، وعلي الرقيعي وغيرهم، وإن بدأ هذا الشعر بلذة البوح والرقة، كقصيدة حسن السوسي التي منها:
يا سيدتي
يا آسرتي
يا من نقشت في ذاكرتي
إني -أحياناً- أحلم .. يا
أني أناي عن دائرتي
وأحلق في أفق عالٍ جداً
ومجالٍ يقصيني بعدا
وهنالك حين يثوب الرشد
إلي .. وإذ القي الرشدا
هنالك
أعرف أني يا
سيدتي مغرور جدا
كما أخذ شعر التفعيلة ينزع إلى شيء من الدلالة المراوغة كقصائد الرقيعي، ومنها التي يعاتب فيها الحبيبة/ البلاد المعنونة بـ: ماذا أخبر عنك؟
ماذا أخبر عنك؟
هل تجدي وسيلة؟
يا جنة الغرباء يا مثوى طفولتنا الجميلة
ماذا وخيرك يا بخيلة
بددته للريح؟
خيرك يا بخيلة
يا من يعذب حبها قلبي
وما بيدي حيلة.
كما تدرج هذا الشعر في التطور حتى جنح إلى الغموض بل والإبهام، فترك بطن الشاعر إلى انفتاح القراءة. كما يحدث مع جيلاني طريبشان:
شجن
كيف أفهم هذا الصغير بأني حزين
وأني أحاول صيد السحاب
وأني أحب البلاد،
التي ليس منها غير الخرافة
كيف أخفي دموعي عن الطفل،
والمرأة الصابرة،
كيف لي أن أنام؟
وأضاف «الكرشيني» أما القسم الثالث في الحركة الشعرية الليبية فتجلى في «قصيدة النثر», ولعل من الظواهر الصحية عند شعراء ليبيا انعدام التصنيف بين شعراء قصيدة النثر وشعراء التفعيلة، فأغلب من تميزوا في قصيدة النثر كتبوا أو يكتبون غيرها، إذ ليس رهانهم الشكل في صيغته السطحية الأولى، بل تجديد الخطاب، ومكاشفة عوالم تلامس خبايا الذات والآخر في نسيج المكان والزمن، ومن أوائل من كتبوها الشاعر علي صدقي عبدالقادر الذي ما فتئ يتأقلم مع كل طقس شعري جديد، يقول في قصيدة نثرية: .. حنـين.
فاجأك العطش،
والنهار، والليل يتصالحان أمامك
يأتي النهار بسنبلة
تمشط شعرها بكبرياء
يأتي الليل بطائر «شهرزاد» الساهر
اسمه القمر
«والسراي الحمراء» تتجول بعد منتصف الليل، تسأل؟
من يدلني عليه، أمنحه خاتم «شبيك لبيك»؟
كما تجدر الإشارة لتجربة علي الفزاني الذي كتب الشعر منذ الخمسينيات وأصدر ديوانه الأول سنة 1965م, وتناوب في شعره بين المنثور والموزون، في نفس مرحلة الستينيات ثم جاءت مرحلة السبعينيات التي ظهرت فيها تجارب أخرى مهمة منها تجربة محمد الشلطامي. والسنوسي حبيب في السبعينيات، كما نجد في الثمانينيات تجربة مفتاح العماري الذي كتب قصيدة النثر في تجربة مميزة ينطلق فيها من أيقونات عربية أصيلة بدل الأساطير التي طالما اعتمدها الشعراء، يشكلها من جديد في إطار تجربته، ومن ذلك ما نجده في عناوين قصائده وعناوين دواوينه: رحلة الشنفرى، أو ديك الجن الطرابلسي، كما نجد محي الدين المحجوب وتجربته التي جمع فيها بين الصوفي والشعري. أيضا نجد تجربة عاشور الطويبي وعائشة المغربي وخديجة بسيكري.
بينما نجد في التسعينيات تجارب سالم العوكلي، وصلاح عجينة، وخالد درويش، وفرج أبوشينة الذي تميز شعره بحضور السرد. ومع نهاية هذه الإطلالة يتضح قصور النشرة على جمع شرائد شعر أمة، ولكن سنتستر بالقول موات: ما لا يدرك كله لا يترك أقله.
أعلام ليبيا ورائدات العمل النسائي
وقال رئيس المختبر النقدي في مصراتة الناقد عبدالحكيم المالكي في مجمل حديثه عن أَعلام ليبيا المؤثرين في تشكيل الحراك الفكري والثقافي: لسنا هنا بصدد الحديث عن كل أعلام ليبيا فالمجال لا يتسع، والعدد كبير من علماء ومثقفين وأدباء وسياسيين، ولكن سنتطرق فقط لبعض منهم ممن كان له إسهام خاص في مراحل التأسيس في الثقافة والفكر في ليبيا.. ومنهم:
الشيخ الطاهر الزاوي (1890 – 1986)
مفتي الديار الليبية والمؤرخ واللغوي والمجاهد المعروف، ولد بمدينة الزاوية بالغرب الليبي سنة 1890 وتوفي بها سنة 1986م، من أشهر كتبه: جهاد الأبطال الذي صدر سنة 1950 في القاهرة، ورصد فيه تفاصيل دفاع الليبيين عن بلدهم ضد المحتل الإيطالي، كما كتب عن خمسمائة من أعلام ليبيا في كتابه أعلام ليبيا الصادر سنة 1961 في القاهرة أيضًا، كما أصدر كتاب «تاريخ الفتح العربي لليبيا». عاش سنوات طويلة مهاجرًا في مصر بعد سيطرة الإيطاليين على ليبيا منتصف العشرينيات من القرن الماضي، ثم انتقل إلى السعودية في نهاية الخمسينيات مدرسًا هناك. كتب العديد من الكتب في التاريخ والفقه واللغة والأدب وفي تحقيق النصوص ما يقارب لعشرين كتابا. وتميز بمواقفه الخاصة ورؤيته من كل المواضيع التي تخص ليبيا ذلك الزمن.
يرى د. محمد مسعود جبران في تقديمه لكتاب أعلام من ليبيا الذي أصدر في طبعته الثالثة سنة 2004م. (أنّ كتب الزاوي تنقسم إلى قسمين: الأول هو تأليف وجمع ويندرج ضمنه كتاب جهاد الأبطال وكتاب عمر المختار، وتاريخ الفتح العربي في ليبيا، وولاة طرابلس، ومعجم البلدان اللي بية، وجهاد الليبين في ديار الهجرة، والثاني يدخل في عمله الشرح والتحقيق والضبط والتعليق وذلك فيما نطالعه في نشره هذه الكتب، تاريخ ابن غلبون ديوان أحمد البهلول.. مختار القاموس، الكشكول، النهاية في غريب الحديث).
خليفة التليسي (1930 – 2010)
بدأ الأستاذ التليسي ناقدا حيث أصدر كتابه المهم: من جبران إلى الشابي سنة 1957 كما كتب في مجالات الشعر والقصة والتاريخ والترجمة. كما أصدر كتابه «رفيق شاعر الوطن، تلاها خمسة كتب مترجمة تنوعت بين الشعر والفكر والتاريخ. واستمر مترجما، وأديبا، ومؤرخا، وعاملا في المجال الوظيفي، حيث تدرج إلى أعلى المناصب فكان سنة 1960 أمينا لمجلس النواب كما تم تعينه سفيرا وزيرا للثقافة. ولعل العمل المهم الذي قربه أكثر من الثقافة والفكر هو رئاسته للدار العربية للكتاب التي أصدرت منذ السبعينيات إصدارات مميزة لكتاب من ليبيا وتونس وغيرهم. تميز أيضًا بقصائده المختلفة التي تنوعت بين القصائد العاطفية والوطنية, عرفت عربيا مختاراته من الشعر العربي التي صدرت في كتاب من جزئين في الثمانينات رصد فيه ما يراه من جمال في الشعر العربي، كما أصدر كتابه قصيدة البيت الواحد، كما أصدر في بداية التسعينيات خمسة من أجزاء كتابه (مختارات التليسي من الشعر العربي). كما تميز بترجمته للأعمال الكاملة «للوركا» وكتابه «هكذا غنى طاغور» وكتابه عن «نيرودا».
• د.علي فهمي خشيم (1936 – 2011)
أحد رموز الفكر والثقافة له عشرات الإصدارات تنوعت بين مجاله الأكاديمي في الفلسفة ومجالات قريبة كالتاريخ، واللغة، ومجالات الأدب، والنقد الأدبي، والرواية. كان أول كتبه «النزعة العقلية عند المعتزلة», كما كتب عن الشيخ الفقيه الصوفي أحمد زروق كتابًا عنونه: الزروق والزروقية. تقلد العديد من المناصب الرسمية ظل حتى وفاته رئيسا لمجمع اللغة العربية في ليبيا، أسس ضمن عمله رئيسا لاتحاد الكتاب مجلة (الفصول الأربعة). ترجم العديد من النصوص. تميز ببعض الآراء الجدلية التي أثارت حولها سجالا خاصة من بعض المكونات في ليبيا التي ترى أن لها تراثا وخلفية منفصلة عن العرب، كما تميز ببحثه في اللغات القديمة وكتاباته حول الأبعاد التأسيسية للاهوت العديد من الدول العربية. كتب أيضا سيرته الذاتية (هذا ما حدث) وكتب روايته التاريخية (أينارو).
الصادق النيهوم (1937 – 1994)
كتب في مجالات الرواية والقصة والفكر والفلسفة والنقد الأدبي, وأشرف على العديد من دور النشر. كما كان الشخصية الأكثر جدلا في زمنه في ليبيا بحكم ما كان يكتبه من آراء مختلفة. إضافة لكونه صحفيا لامعا جعل من صحيفته «الحقيقة» التي كانت تصدر في بنغازي في ستينيات القرن الماضي أداة إعلامية مهمة. أصدر روايته المهمة (من مكة إلى هنا) التي يعتبرها بعض النقاد البداية الحقيقة للرواية الليبية، كما أصدر بعدها أعمالا سردية قريبة من الرواية منها القرود, كما أصدر مجموعته القصصية (من قصص الأطفال), والعديد من الكتب ذات البعد الفكري منها فرسان بلا معركة، ومحنة ثقافة مزورة وغيرها من الكتب ذات البعد الجدلي التي طرح فيها تصوره لموضوع الدين وعلاقته بالمجتمع، كما أشرف من خلال ترأسه لعديد دور النشر خارج ليبيا على العديد من السلاسل منها دار التراث: “موسوعة تاريخنا” (ستة أجزاء)، دار التراث – جنيف، 1977. موسوعة بهجة المعرفة - موسوعة عالمنا - موسوعة صحراؤنا - موسوعة أطفالنا - موسوعة وطننا. كما أصدر أطلس الرحلات (8 أجزاء)، 1979، وموسوعة الشباب المصورة (8 أجزاء)، وموسوعة السلاح المصورة. كما ترجم عددًا من الأعمال الأدبية.
_ وحول أهم الأسماء النسائية وصاحبات التجارب الخلاقة التي حفظ لها التاريخ حضورهن ومكانتهن العلمية والعملية ممن كان لهن إسهامات في الحركة الأدبية والثقافية أوضح رئيس المختبر النقدي في مصراتة الناقد عبدالحكيم المالكي أن من أبرز رائدات العمل النسائي الليبيات ومن كان لهن بصمات في هذا المجال:
حميدة محمد طرخان (1892 – 1982)
المعروفة بحميدة العنيزي تخرجت بشهادة معلمة عام 1915م, وكانت رائدة الحركة النسائية في ليبيا، وأول معلمة ليبية بالتعليم الابتدائي في بنغازي، وأول مديرة مدرسة ليبية لمدرسة للبنات في عهد الإدارة العسكرية البريطانية، أسست عددا من الجمعيات الاجتماعية والنسائية من بينها أول جمعية نسائية في ليبيا. شرعت في تأسيس أول فصل دراسي لبنات عائلتها والجيران وقد كان ذلك الفصل الخاص في ركن من بيتها مُبتدأ الحلم الكبير من معلمة إلى ناظرة للمدرسة.
زعيمة الباروني (1910 -1976)
ابنة المجاهد الكبير سليمان الباروني أحد أعمدة الجمهورية الطرابلسية التي كانت أول مؤسسة وطنية في واجهت الاستعمار الإيطالي في العقد الثاني من القرن الماضي. وهي أيضا صاحبة أول مجموعة قصصية ليبية وقد صدرت في وقت مبكر سنة 1958، وأسمتها القصص القومي. اهتمت برصد حركة والدها الجهادية والأدبية تمثلت في: إصدارها للكتب التالية: «صفحاتٌ خالدةٌ من الجهاد: الْمُجَاهِد الليبي سليمان البارونِي» وكتاب صغير بعنوان: «سُليمان البارونِي - تعريفٌ موجَز»، كما قامت بإعادة طباعة «ديـوان البارونِي (سُليمان باشا)»؛ الذي نُشِرَ بإشرافها، وقَدْ صَدَرَتْ طبعتُه الأولَى عن مطبعة الأزهار البارونية بمصر. نشرت العديد من المقالات في الصحف والْمَجَلاّت، مثل مَجَلَّتي: «صوت المربِّي» و«الأفكار» الطرابلسيّتَيْنِ، ومِنْ أبرز عناوينها: «فزان البعيدة» و«بنت الحاضرة» و«وَفَّقَ اللهُ الجهود النبيلة».
خديجة الجهمي (1921 – 1996)
رائدة العمل الإذاعي في ليبيا, عملت بعد عودتها من مصر سنة 1956م, مذيعة بالإذاعة الليبية المسموعة كما صارت أول مذيعة أخبار آنذاك. أعدت وقدمت العديد من البرامج للإذاعة الليبية، من بينها أضواء على المجتمع، الذي استمر قرابة عشرين سنة، ونشرت نتاجها الصحفي في عديد من الصحف والمجلات، كما تولت رئاسة تحرير مجلة (المرأة). ثم أسست مجلة (الأمل) للأطفال. وقامت من خلال رئاستها لمجلة الأمل بإصدار سلسلة قصص الأمل للأطفال, إلى جانب سلسلة (كتاب الأمل). كما تميزت في مجال كتابة كلمات الأغاني وكتابة المسلسلات الإذاعية، وأشرفت على العديد من الدورات الإذاعية في مجال الصحافة والإعلام.
شريفة القيادي (1947 – 2014) *
وهي أستاذة جامعية كتبت القصة والرواية والخاطرة والمقالة كما أعدت عددًا من برامج للإذاعة, وصدر لها في الرواية «هذه أنا», ورواية «البصمات» كما أصدرت عددًا من المجاميع القصصية كان أولها: (9 قصص قصيرة) سنة 1983، تلاها «هدير الشفاه، كأي امرأة أخرى».