أهم أحداث فصول الإلياذة من خلال سرد النصوص تميزت ترجمة الأديب دريني خشبة بالسرد الأدبي الشاعري الجميل والصور الرائعة والتشبيهات البديعة، يكاد دريني خشبة يعيد سبك الإلياذة بلغة عربية ساحرة، وتشعر وأنت تقرأ ترجمته أنه عائد من الحرب للتو، ونعرض نماذج ومحطات من ترجمته وسرد العربي للإلياذة: باريس الجميل «...... وشب باريس فتى يافعًا جميلاً ممشوقًا، فعمل مع الراعي الذي أنقذه، وكان مولعًا بالبحر، تشوقه أمواجه، وتفتنه أوديته، يختلف إليه ريثما تفئ الأغنام في الحر، يلهو بالسباحة ويتريض بمصارعة الموج، وبدت له إحدى عرائس الماء - أيونونيه- وكانت قسيمة وسيمة، فهويها وعلقها قلبه، وما لبثت أن أصبحت أعز شيء عليه في هذه الحياة «الإلياذة، ت. دريني خشبة، 2014، ص 18 . التنافس على التفاحة أمام باريس «اجتمعت الغانيات حول التفاحة، كل واحدة تريدها لنفسها، وكل تدعي أنها أجمل من في الحفل جميعًا، ثم ساد صمت عميق حينما نهضت «حيرا» و»مينرفا» و»فينوس» ميممات شطر الجهة التي تتنازع فيها الغانيات من سائر الربات على التفاحة الثمينة».
- «أنا حيرا العظيمة مليكة الأولمب وصاحبة الحول والطول فيه ،وآثركن....... أنا أحقكن بهذه التفاحة العلوية وأعرفكن بقدرها....»(ص 19) وانبرت مينرفا تقول: «أنت تفاخرن بملك الأولمب، وبالجاه والسلطان؟ إذن أين أنا؟ مينرفا....... أحق منك بهذه التفاحة» (ص 19) وتقدمت فينوس تقول: «فيم تختصمان يا أختي العزيزتين؟ أليس قد كتب الحكم على التفاحة نفسها؟ أليست هي للأجمل؟ أنا فينوس..... الجمال؟ لم تربعت على عرش الفتنة إذن؟ هي لي دونكما». حوار الغانيات مع باريس وعندما قابلن الغانيات الثلاث الراعي الوسيم باريس حدث ما يلي: «وصاحت حيرا: «قف أيها الراعي الجميل فأحكم بيننا فيما نحن مختلفات فيه، تلك التفاحة من ذهب ساقتها السماء إلينا منحة منها لأكثرنا جمالاً وأبهانا رونقًا، وأنا - حيرا - مليكة الأولمب، ترنو وتبتسم وذات الحول والطول فيه..... وصاحبة القوة والسلطان..... لقد كانت حيرا تختال في ثوبها الأولمبي الموشى، وكان طاووسها الجميل - الذي اتخذته منذ الأزل رمز لها - يتشبث بناصيتها ويميس فيزيدها جلال وكبرياء. وأوشك الفتى الراعي أن يقدم التفاحة لحيرا، لولا أن صاحت به مينرفا: -»على رسلك أيها الشاب... اسمع منا جميعًا ثم اقض بيننا.. أنا لن أزخرف عليك بملك ولا سلطان، فأنت أعقل من أن تنخدع بالعرض الزائل، وأعلى من أن يهيمن جسمك على عقلك، وهواك على قلبك، أنا مينرفا..............، سأمنحك السداد، سأكشف لك حجب الجهالة، وسيضئ مصباح المعرفة بين يديك، فتكون أهدى الناس، وأعلم الناس وأحكم الناس» (ص 19). وكاد باريس يلقى بالتفاحة في يدي مينرف.. لولا أن تقدمت فينوس الصناع.. فينوس الحلوة.. فينوس الساحرة.. فينوس ذات الدل........ تقدمت فينوس تبتسم للراعي الجميل عن فم حلو رقيق، تتلألأ ثناياه، ويتضوع عبيره، وقالت له «باريس هل لك عينان تعرفان الغزل، وقلب يعرف الحب؟.. باريس أنا فينوس التي صليت لها بالأمس، والتمست منها التوفيق ..هاأنذا يا باريس.. التفاحة للأجمل! ألست تحب أن أهبك أجمل زوجة في العالم! ......... زوجة ترضيك وتفي لك.. قلب ينبض بحبك.. هاتها يا باريس هاتها يا حبيبي». وقبل أن تتم الخبيثة سحرها، كان الفتى البائس قد ألقى التفاحة في يديها الجميلتين، على الرغم من الصيحات المتتالية التي كانت تأتي إليه من البحر، «لا يا باريس... أعطها لمينرفا يا باريس» (الإلياذة، ت. دريني خشبه 2014، ص 22).
زيوس يحرض على الحرب من ترجمة د. أحمد عثمان وآخرين، نقتبس تحريض زيوس أثينا على الحرب «اسرعي إلى ميدان المعركة بين الطرواديين والأخيليين، وحاولي تدفعي الطرواديين للإساءة إلى الأخيين الأماجد بنقض الهدنة». بهذه الكلمات حث زيوس أثينة (أثينا) التي طالما تلهفت إلى الأرض هذه المهمة وقفزت من علياء الأولمبس كنجم أرسله ابن كرونوس ذو التدبير المراوغ لتكون نذيرًا للبحارة والجيوش المتحاربة كانت تلمع متوهجة وتطير منها سنابل النوريلا عدد، هكذا هبطت باللاس أثينة فيما بين الجيشين. فذهل الجميع الطرواديون مروضوا الخيول البارعين والأخيون لابسو دروع الساق القوية، ذهلوا عندما رأوها وصار كل واحد منهم يحث جاره «انظر ستشعل الحرب المدمرة والمعركة الوحشية ثانية»، أو «هل زيوس موجه دفة الحروب بين البشر سيزرع الحب بيننا؟» (الإلياذة، ت. أحمد عثمان، 2008 وآخرون، ص 211) وص ف الحرب وتبدأ الحرب، حسب ترجمة دريني خشبه: «ودقت الطبول فكانت إيذانًا بهجوم الهيلانيين... فأنظر الآن إلى البحر يلتطم بالبحر، والموج يساور الموج، والموت يصاول الموت، والحياة الحلوة تأخذ بتلابيب الحياة الحلوة، وصيحات الهيلانين تردها صيحات الطرواديين، وليل الآخرة يغطش نهار الدنيا، وظلام القبور يكشر له الدور، والفزع يمشي في صفوف هؤلاء وهولاء.. واليتم يجرح هذا الكبد، ويقرح ذلك القلب.....» (الإلياذة، ت دريني خشبه ،2014 ص 88).
ويعدد هوميروس الأبطال: ثم انظر إلى أخيل يرعد بين الصفوف ويقصف، ومن ورائه الميرميدون يوزعون المنايا ويهدهدون الحتوف ويقربون الأجيال. واوليسيز المغوار، وتلك العجاجة المنعقدة فوق رأسه من غبار الحرب، وهذه الصعدة السمراء بيمينه تنفث الموتفي صدور الأعداء! وأجاكس وجنوده! الكرار الفرار، المذاويد الأحرار! ونبليوس قائد العسكر البوطية، القروم البواسل، والليوث الكواسر! وديوميدا نبعة أرومته، وسيد عشيرته، ووجه قومه، وفارس كتيبته! واجينور! فتى اركاديا، وملاك أمرها، وشمس ضحاها(ص 89) ويستمر هوميروس في عرض الأبطال وفق دريني خشبه: «وميجيز! النجد الباسل، والبطل الحلاحل! وايدومينيز! ملك كريت وقائد جنودها، أباة الذل، وكماة الوغى، ومرادي الحروب! وتليبوليموس بن هرقل بطل المجازفات، المقدام آخر الغمرات! ثم انظر إلى لصناديد من أبناء طروادة وجيرانه الكماة، الأباة الحماة! هاك هكتور العظيم ابن بريام الملك عضد طرواده وسندها وليث عرينها، وهناك إينياس الهائل يقود» الدردان) الأبطال إلى كرائم الفعال في ساحة القتال. وهاك بنداروس! تلميذ أبولل وربيبه يقود فرسانه الفحول، ورجاله البهاليل! (ص 89) ويضيف إلى قائمة الحرب أبطالاً آخرين: «... وهاهما ولدا ميروبس الكبير ملك ابيسوس، يصولان في الحومة ويجولان! وهاك اسيوس بن ملك بيدوس، يتقدم رعيل فرسانه، ويداعب أعداءه بمرانه! وها هم أشبال تراقيه، يقودهم يوفيموس المقدام، ويقتحم بهم أيما اقتحام. وها هم نسور اميدون الواشق، أقبلوا من هناك.. من جنبات سيحون وجيحون ليخوضوا الجحيم في ذلك اليوم العظيم، وليذودوا عن طروادة حليفتهم ويدافعوا! وها هم أمراء ميديا، أقبلوا في عدد وعديد، وكل جبار مريد انظروا إلى الجيشين في مد وجزر، تبتسم لأحدهما الآمال، وتعبس للآخر المنايا، ثم تدور الدائرة، فينتصر المهزوم، ويتأخر المتقدم، وهكذا دواليك.. وتغيب الشمس وتشرق ويبزغ القمر ويغرب وتكر الأيام وتمر السنون (ص 90). مقتل آخيل «وماكاد البطل ينقلب إلى جنده، حتى كانت فينوس توسوس إلى باريس أن ينتهز الفرصة العزيزة النادرة، ويريش سهمًا من سهامه المسمومة إلى عقب آخيل التي لم تغمرها مياه ستكس فيصيبه فيرديه! ووتر باريس قوسه، وأرسل السهم المسموم إلى عقب آخيل فنفذ. فيه........ وفي فصل فتح طروادة يتطور السرد، حسب ترجمة دريني خشبه: «ووقفت ذتيس تلقى على ابنها نظراتها الأخيرة.. وتذرف عليه دموع الوداع! وكانت ثابها السود تبكي معها.. وكانت السماء تذرف شجونها على آخيل وعرائس البحر ساهمات على شواطئ الهلسنت الفائض بالدم! وبليوس المحزون يضطرب في الأعماق فيجعلها ضرامًا! والأولمب كله، إلا عصابة فينوس يعزي بعضه بعضًا.» (الإلياذة، ت. دريني خشبة، ص 228). فتح طرواده «.... ثم بدأ لأوليسيز (عوليس) أن يصنع الحيلة فعرض على زعماء الحملة أن يدعى مهرة النجارين والمثالين فيصنعوا حصانًا هولة كبير الحجم، خاوي الجسم، فيكون بداخله جمهرة من أقوى شجعان الهيلانيين وابسلهم، ثم يوهم الأسطول أنه أبحر بجنود الحملة ........(ص 236) وطرب القادة لهذه الحيلة التي بدهم بها اوليسيز وانصرفوا عن القتال وهم له كارهون..... وأقلع الأسطول.. وانكشفت الساحة هذا الجراد المنتشر الذي لبث ينوء فوقها عشر سنين. واختبأ اوليسيز داخل الحصان ومعه نخبة من شياطين الميرميدون وعلى رأسهم بيروس النجيب ابن أخيل الخالد، وعصبة قوية من فرسان البواسل.. (ص 236) ودق الطرواديون البشائر.. وجاؤوا يهرعون إلى الساحة، ويتكبكبون حول الحصان الهولة، ويكلمون سينون الذي تركه الهيلانيون عند الحصان ليخدع الطرواديين والآن ها هم أولاً قد تركوا هذا التمثال الرائع الذي أعدوه ليوم نصرهم، فجعلته الإلهة أي فشلهم انقلوه يا مولاي إلى المدينة، واجعلوه تذكارًا لهذه النوبة الجنونية التي شنوها عليكم، فحاق بهم سوء ما كانوا يمكرون» (ص 237). «لقد سمعت هاتفًا في صلاتي يقول «الويل لمن يصيب هذا التمثال بشر، تنقض عليه رجوم السماء، وتخسف من تحته الأرض، وتميد من فوقه الجبال! طوبى لمن احتفظ إلى الأبد به! إذن يحميه شر حدثان الزمان وعوادي الأيام» (ص 238)». «وتعاون الطرواديون جميعًا فجروا الحصان الهولة، وهدموا بأيديهم جزءًا كبيرًا من سور اليوم المنيع لتتسع البوابة للتمثال الهائل، فكانوا كالتي نقضت غزلها أنكاثًا» (ص 239) ......... «............هب سبنون الخبيث ففتح الباب السري الذي لا يعرف إلا هو مكانه من الحصان، وخرج الأبطال فقتلوا الحراس النائمين لدى الأبواب، واشعلوا النيران فرآها الجنود الذين عاد بهم الأسطول في دجي الليل، فانطلقوا سراعًا إلى «اليوم» الخالدة.. المستسلمة فدخلوها.. واعملوا السيف، وشرعوا الرماح، واستباحوا المدينة....» (ص 240).
** **
- ناصر محمد العديلي