هالة الناصر
بعيدًا عن الشعارات والأقوال الرنانة، وفي هدوء وثبات واستمرارية، استطاعت بلادنا أن تحقق نجاحًا لافتًا في ملف المرأة خلال السنوات القليلة الماضية، ربما يضاهي كل المكاسب التي حققتها المرأة طوال عقود منذ إنشاء الدولة السعودية الثالثة، وكانت خطوة السماح للمرأة بقيادة السيارة هي رمانة الميزان في ضبط هذا الملف وإعطائه المصداقية والاستمرارية والنجاح.
40 ألف رخصة قيادة صدرت للنساء السعوديات منذ يونيو الماضي وحتى الآن، هو رقم له دلالته خاصة إذا علمنا أن الإدارة العامة للمرور تخطط لإنشاء المزيد من مدارس تعليم القيادة في العديد من محافظات ومناطق المملكة ما يرجح ارتفاع هذا الرقم وتضاعفه خلال الأشهر المقبلة.
قرار السماح للمرأة بالقيادة استطاع أن يمنح السعوديات مساحة كبيرة، بل نستطيع أن نقول إنه أعاد بناء شخصية المرأة السعودية، سواء لتلك التي استخرجت رخصة القيادة أو حتى من لم تسع لاستخراجها، ولكن يكفي الإحساس والشعور بالكفاءة والقدرة، الشعور بثقة القيادة في المرأة السعودية وقدرتها على فعل أي شيء، أن تمنحها حرية الحركة والتنقل واتخاذ القرار والتفكير، أن تقول لها انطلقي تجاه الحياة العملية الرحبة، استطاعت هذه الخطوة، وطريقة تعامل النساء السعوديات معها بحكمة وتروي، والنظر إليها على أنها ضرورة وليس ترفيه، أن تغير من النظرة النمطية للمرأة السعودية على المستوى العالمي، فبجانب الإشادات الدولية من مختلف المؤسسات وعلى مختلف المستويات التي صدرت فور إصدار رخص القيادة، استطاع القرار أن يمنح المرأة السعودية المكانة الدولية التي تستحقها والمكانة العالمية بين النساء من مختلف بلدان العالم، لتقف على قدم المساواة مع غيرها رأسا برأس وكتفا بكتف، بل وتثبت تفوقها وتميزها.
وقد أثبتت التجربة الحكيمة لهذا القرار وما سبقه وتبعه من استعدادات وإجراءات، قصر نظر كل من شكك في نجاح التجربة أو لم يتحمس لها، فقد باتت القيادة حاليا في حياة المرأة عنصر أساسي ومحوري في خططها للمستقبل، في طريقة نظرتها لذاتها وتفكيرها في طموحها، فأحلام المرأة التي تستطيع أن تدير سيارتها متى أرادت وتنطلق بها على الطريق، بالتأكيد أحلام مغايرة لتلك التي تجلس في منزلها في انتظار من يأتي إليها ليقودها على الطريق ويحدد لها مسارها، وقد لا يأتي!