«الجزيرة» - أبو ظبي - متابعة وتصوير - محمد المنيف:
لا شك أن سعادتي وسعادة أي مواطن سعودي زار أو ينوي زيارة متحف لوفر أبو ظبي هذه الأيام لا توصف حينما يرى الإقبال الكبير من مختلف زوار المتحف للمعرض التاريخي «طرق التجارة في الجزيرة العربية: الذي يقدم لهؤلاء الزائرين صورة ناصعة البياض توثق تاريخ الجزيرة العربية وتكشف ما تتمتع به المملكة من آثار ما زال اكتشافاتها متواصلة من هيئة السياحة والآثار المعرض الذي جمع روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، وهو المعرض العالمي الثاني في موسم فعاليات متحف لوفر أبوظبي الثقافية حيث احتضن المعرض الذي أخرج بشكل يليق بمحتوياته المتمثلة في نماذج من تاريخ الجزيرة العربية تمثلت في قطع من تراث المملكة العربية السعودية وثقافتها، إضافة إلى مجموعة مختارة من القطع النادرة من دولة الإمارات العربية المتحدة.
• افتتاح يليق بالمعرض وما ينتمي إليه
الجدير بالذكر أن المعرض أقيم برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وافتتحه سموَّ الشيخِ حامدَ بنَ زايدٍ رئيس ديوان سمو ولي العهد نيابة عن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي في نوفمبر الماضي ويستمر إلى 16 من فبراير 2019 وحضر الافتتاح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، وسموَّ الشيخِ عبدَالله بنَ زايدٍ آل نهيان.
وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية في كلمته خلال حفل افتتاح المعرض، أن المملكة بادرت منذ قيامها بالاهتمام بآثارها وتراثها الوطني، وتعزز هذا الاهتمام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الذي عاصر قطاع الآثار منذ إنشائه قبل أكثر من 50 عامًا، وأصبحت المملكة الآن من الدول الرائدة عالميًا في مجال الكشوفات الأثرية، وتشهد مشاريع ضخمة في مجال المتاحف وحماية وتأهيل المواقع الأثرية.
كما أشار معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أن معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية» يمثل القلب النابض للموسم الثقافي الحالي في اللوفر أبوظبي، وكشف عن روابط الصداقة والتعاون الوطيدة التي تجمع بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الشقيقة وفرنسا. وبما أن متحف اللوفر أبوظبي يقع في منطقة تربط أبوظبي بشبه الجزيرة العربية، فإن هذا المعرض هو الأنسب لتقديمه للزوار بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لهذا الصرح الحضاري الذي نجح في تقديم القصص التي تتيح التأمل في جوهر الإنسانية».
جهود مثمرة في التنسيق والتنظيم
هذا وقد تولّى تنسيق معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية: روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الفام في لوفر أبوظبي كل من الأستاذ جمال عمر، نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للآثار بالمملكة العربية السعودية؛ والدكتورة ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في اللوفر أبوظبي؛ ونويمي دوسي، المنسقة العامة لقسم الآثار في اللوفر أبوظبي.
وقد تم تصميم معرض «على طرق الجزيرة العربية» خصيصاً للمتحف ضم عروض أداء وموسيقى وشعر بمشاركة فنانين من المغرب وحتى الصين، حيث أخذ جمهوره في رحلة تأسر الحواس ويسلّط الضوء على التراث الفني الغني لطرق التجارة القديمة في الجزيرة العربية. وترافق مع هذا العمل الفني عرض لفن الخط للفنان التونسي كوم، حيث خطّ مجموعة من الاقتباسات والكلمات المأخوذة من الأغاني والقصائد الشعرية، ليرمز بذلك إلى المراحل المختلفة من «طرق الجزيرةالعربية».
إضافة إلى البرنامج الثقافي المترافق مع المعرض، حيث تولّت الفنانة الإماراتية هند مزينة تنسيق سلسلة من عروض الأفلام التي قدّمت كل يوم سبت ما بين 5 و26 يناير، ضمت أفلامًا وثائقية وأفلاماً سينمائية مرتبطة بالعالم العربي في الماضي والحاضر.
• انطباعات وتعليقات حول المعرض
حظيت العديد من الصحف بتصريحات عبر أصحابها عن مشاعرهم تجاه المعرض والمعروضات، منهم السيد مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي الذي قال: أنه على مدار العام الماضي، نجح اللوفر أبوظبي في إبراز رسالته العالمية عبر استضافة مجموعة من المعارض الدولية وتنظيم سلسلة من البرامج المبتكرة، تحقيقاً لهدفه المتمثّل في الاحتفال بأوجه التقارب والتعاون بين مختلف الثقافات وتسليط الضوء على الجسور الممتدة بين الحضارات الإنسانية المختلفة. ويُطلق المتحف برنامجاً ثقافياً يترافق مع المعرض يشمل عرضًا بعنوان على طرق الجزيرة العربية يضم أكثر من 80 فناناً وعازفاً من مختلف الثقافات التي مرت بها طرق التجارة القديمة في الجزيرة العربية».
كما قالت الدكتورة ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في اللوفر أبوظبي: «دائماً ما تكون معارض اللوفر أبوظبي العالمية امتداداً للقطع الفنيّة والقصص التي نقدمها في قاعات العرض. كجزء من موسم «تبادُل فتَفاعُل» الثقافي، يروي المعرض الجديد، بعنوان طرق التجارة في الجزيرة العربية: روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور، تاريخ الطُرق التي نُسجت في مختلف أنحاء شبه الجزيرة وما حملته من تراث».
وبدورها، قالت نويمي دوسي، المنسقة العامة لقسم الآثار في اللوفر أبوظبي والمنسّقة المشاركة في هذا المعرض: «نال معرض طرق التجارة في الجزيرة العربية: روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور، إشادة واسعة منذ أن تم تقديمه لأول مرة في متحف اللوفر بباريس عام 2010. ويسعد متحف اللوفر أبوظبي والقائمون عليه باستضافة النسخة الجديدة من هذا المعرض الذي يتضمن قطعاً إماراتيةً نادرةً تم اكتشافها ضمن مشروعات التنقيب في المواقع الأثرية بدولة الإمارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المُعارة من المتاحف والمؤسسات الفرنسية الشريكة بما فيها متحف اللوفر باريس ومكتبة فرنسا الوطنية ومتحف الأزياء والمنسوجات في باريس».
آثار المملكة تتمازج مع آثار الامارات
لقد شكلت القطع الأثرية من دولة الإمارات، تمازجًا وتقاربًا في سجل الحضارات القديمة بينها وبين الآثار السعودية كان من بين الآثار الإماراتية في المعرض لؤلؤة وُجدت في أم القيوين يرجع تاريخها إلى عام 5500-5300 قبل الميلاد (مُعارة من متحف أم القيوين)، وحجراً مزيّناً برسم لجمل من أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد (مُعار من متحف العين)، وقطعاً من جلفار (مُعارة من متحف رأس الخيمة الوطني).
تلك القطع أضفت ملمحًا تاريخيًّا بجانب مجموعة مهمة من القطع الأثرية من المملكة العربية السعودية، بما في ذلك لوحة جنائزية من العصر الحجري الحديث، ورأس تمثال برونزي من القرن الثالث قبل الميلاد (مُعارة من قسم الآثار في جامعة الملك سعود)، وقناع جنائزي من القرن الأول قبل الميلاد من المنطقة الشرقية (مُعار من المتحف الوطني في الرياض)، ولوحات محفورة من القرن التاسع (مُعارة من مكتبة الملك فهد الوطنية)، ولوح حجري على هيئة إنسان من الألفية الرابعة قبل الميلاد (مُعار من المتحف الوطني بالرياض)، وباب للكعبة يعود إلى العام 1355 (مُعار من المتحف الوطني في الرياض)، ومفتاح للكعبة (مُعار من قسم الفنون الإسلامية في متحف اللوفر).
الجدير بالذكر أن المعرض قد مر بعدد من المحطات أولها في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية باريس، ثم أقيم تباعاً في مؤسسة «لاكاشيا» ببرشلونة، ومتحف الإرميتاج بروسيا، ومتحف البرجامون ببرلين، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أقيم في متحف ساكلر بواشنطن، ومتحف «كارنيجي» ببيتسبرغ، ومتحف «الفنون الجميلة» بمدينة هيوستن، ومتحف «نيلسون- أتكينز للفنون» بمدينة كانساس، ومتحف «الفن الآسيوي» بمدينة سان فرانسيسكو، ثم تفضّل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بافتتاح المعرض في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بالظهران التابع لشركة أرامكو، في 1 ديسمبر 2016، وأذن لانطلاقة المعرض إلى محطاته الجديدة في آسيا؛ حيث أقيم في المتحف الوطني في العاصمة الصينية بكين الذي اختتم بحفل حضره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس شي جين بينغ رئيس جمهورية الصين الشعبية حفل اختتامه في 16 مارس 2017م)، ثم أقيم في المتحف الوطني بالعاصمة الكورية الجنوبية سيئول، ثم في المتحف الوطني الياباني بالعاصمة اليابانية طوكيو، إضافة إلى تنظيمه في المتحف الوطني بالرياض ضمن المعارض المصاحبة لملتقى آثار المملكة العربية السعودية (الأول).