«الجزيرة» - اقتصاد:
قال خبير السندات في (الجزيرة) محمد الخنيفر إن هناك دلالات عظيمة مع بداية السعودية لبرنامج استدانتها لهذه السنة الجديدة. فقد أظهر الإصدار كيف أصبحت المملكة «مُتمرّسة» بإصدارات الدخل الثابت، حيث استطاعت السعودية كسر رقمها القياسي السابق وهو 17 ساعة عندما تمكّنت من إغلاق الإصدار في ظرف 12 ساعة ومن دون الحاجة لتوسيع زمن الاكتتاب وذلك في أبلغ رد على من شكك بمدى إقبال المستثمرين، (حيث لامست أحجام طلباتهم 4 مرات المبلغ المطلوب). أما عن الحكمة في عدم تحديد موعد الإصدار بشكل مسبق فهو الخشية من أن تتأثر عوائد إصدارات المملكة سلبياً بهذه الأنباء مما يقود بعض المستثمرين لبيع تلك الأوراق المالية القديمة (ذات العائد المنخفض) وذلك استعداداً للاكتتاب بالجديدة. مما يؤدي لوضع جهة الإصدار بموقف غير جيد من الناحية التسعيرية للإصدارات الجديد. الإصدار الناجح جاء في وقت تتعرَّض فيه المملكة لحملة إعلامية، حيث توقّع البعض أن يتأثر حجم الطلب على الإصدار لكون بعض المستثمرين يتأثرون بما يُعرف بمخاطر العناوين السلبية القادمة من منطقة الشرق الأوسط. ولكن المستثمرين كان لهم كلمة أخرى عندما تعدى حجم التغطية 3 مرات، (بل لامس 4 مرات بعد أن بلغ27.5 مليار دولار) لإصدار الـ 7.5 مليار دولار.
التوقيت المثالي
وأشار الخنيفر أن الإصدار خلال مطلع السنة، (حيث تتوفر في هذه الأوقات من كل عام) وفرة واضحة في السيولة الاستثمارية من قبل المحافظ العالمية ويتزامن الإصدار مع خبر زيادة احتياطات البلاد من النفط والغاز وهذا من دون شك سينعكس إيجابياً على الاقتصاد القومي وعلى التصنيف الائتماني. الإصدار جاء قبل الانضمام الفعلي بـ20 يوماً لمؤشر سندات جي بي مورجان وأوضح أن التركز على توقيت الإصدار جاء لما جرت عليه العادة في انتظار الدول لحين انضمامها للمؤشر قبل القيام بالإصدار الفعلي.
كما بين الخنيفر أن هذا الانضمام (الذي يعتبر بمثابة النقطة التحولية في تاريخ أدوات الدخل الثابت بمنطقة الخليج)، سيساهم في تضييق هوامش الائتمان للسعودية لتكون أضيق مما هي عليه الآن (الأمر الذي قد ينعكس إيجابياً على خزينة الدولة).
ألا أنه يبدو أن مكتب الدين العام قد ارتأى استغلال نافذة إصدار توفرت له وذلك قبل أن تتغيّر ظروف السوق (وهذا يتزامن مع تعافي الإصدارات السعودية، حيث رأينا بعضها يتداول فوق قيمتها الاسمية في الأسواق الثانوية، ومن المنتظر أن يتم إدراج هاتين الشريحتين اللتين تم إصدارهما اليوم (أمس) ضمن المؤشر. وعليه رأينا تهافتاً واضحاً من المستثمرين في الوقت الذي تبدأ في المحافظ العالمية في إعادة تمركزها وتقييم انكشافاتها على جهات الاقتراض وذلك في ظل التغيّرات الاقتصادية التي تجري بأسواق الدخل الثابت.
وذكر الخنيفر أن من المنتظر أن يتم إدراج تلك الشرحتين التي تم إصدارها اليوم ضمن المؤشر. وعليه رأينا تهافتاً واضحاً من المستثمرين في الوقت الذي تبدأ في المحافظ العالمية في إعادة تمركزها وتقييم انكشافاتها على جهات الاقتراض وذلك في ظل التغيّرات الاقتصادية التي تجري بأسواق الدخل الثابت.
فوارق التسعير
وبيّن الخنيفر أن على أرض الواقع تتداول الديون السعودية على علاوة سعرية مقارنة بالدول, المنضوية تحت المؤشر, التي تملك نفس تصنيف السعودية السيادي وهو (A+). فمثلاً تصنيف إندونيسيا الائتماني أقل من السعودية بأربع درجات ومع هذا فتكلفة اقتراضهم أقل منا. نطمح أن يساهم الانضمام الفعلي للمؤشر في محو ذلك الفارق التسعيري الذي لا يصب في صالح خزائن الدول الخليجية.
علاوة سعرية على الإصدار
كما أوضح الخنيفر أنه عند بدأ عملية بناء الأوامر الخاصة بالإصدار، يلتفت المستثمرون إلى عاملين:
- الأول هوامش الائتمان الخاصة بالمملكة والثاني مؤشر القياس.
أي عند جمع أرقام «هوامش الائتمان» مع «مؤشر القياس» نحصل على العائد الذي تتم معرفته عند إغلاق الإصدار.
كما بيّن الخنيفر هنا أن مؤشر القياس هو عوائد سندات الخزانة الأمريكية. وعليه يرى أن توقيت الإصدار يعتبر مثالياً لأنه جاء في وقت تتداول فيه سندات الخزانة العشرية عند مستوى 2.73 % مقارنة مع أقصى ارتفاع لها قبل عدة أشهر وهو 3.22 %. شريحة الـ31 سنة تم تسعيرها ضمن القيمة العادلة للمنحنى العائد القائم للسندات الثلاثينية مع العلم أنه كان بالإمكان ضغط التسعير أكثر من هذه المستويات (الهامش الائتماني كان 230 نقطة أساس فوق عوائد سندات الخزانة وقبلها بأقل من سنة تم تسعير السندات الثلاثينية عند 210 نقطة أساس).
وبخصوص السندات العشرية و4 أشهر، فهناك تسعير سخي (وذلك بعلاوة سعرية تبلغ 31 نقطة أساس فوق القيمة العادلة) وهذا التسعير قد يساهم بإحداث «تشوه» لمنحنى عوائد السندات العشرية (الهامش الائتماني كان 175 نقطة أساس فوق عوائد سندات الخزانة وسبق أن قبل الخمسة أشهر الماضية تم تسعير الصكوك العشرية عند 127 نقطة أساس).