ميسون أبو بكر
«القيادة فن وذوق».. لم أكن لأعي هذه العبارة جيدًا قبل خوضي غمار القيادة في الرياض منذ أشهر قليلة، ففهمت كيف أنها ذوق حين يسبق حركة السيارة للمسار الأيمن مثلا إشارة تشير للسيارات الأخرى بنية السائق الانعطاف لليمين، أو التجاوز للجهة اليمنى، والقيادة ذوق حين تسير السيارات بحركة انسيابية لا يعكرها تجاوز مفاجئ، أو سرعة مجنونة أو تحدٍ وسباق لباقي السيارات الأخرى في الشارع، كما هي ذوق حين يحسن السائق صف سيارته في المكان المحدد دون إغلاق الطريق على السيارات الأخرى فيعطل حركتها، وهي ذوق حين يشعر السائق بالسائق الآخر فيفسح له المجال بتسامح وشعور إنساني نبيل، كما حدث معي مع سائق السيارة الزرقاء التي سرعان ما تنبه سائقها أنني امرأة وتنبه إلى تجربتي البسيطة في السياقة وحاجتي لمساعدة لم تتجاوز إفساحه الطريق لي بالمرور بهدوء لأقصى اليسار، حيث إن قوانين السير الصارمة في الدول الأخرى تجعل من السياقة متعة وتمنح السائق وعيًا كبيرًا وخوفًا في الوقت ذاته من ارتكاب المخالفات خشية من قيمتها المادية الكبيرة ونظام النقاط التي بتراكمها يحرم السائق من القيادة.
الأستاذ خالد السليمان في مقاله قبل أسابيع «زناد المسدس ودواسة البنزين» أحسن الوصف حين شبه السرعة المتهورة كالضغط على زناد المسدس، فكلاهما وسيلة قتل فتاكة، ولعله من وجهة نظري لم يكن قاسيًا حين طالب بسحب الرخص من أولئك المتهورين الذين يتسببون بقتل الناس وهدر طاقة رجال المرور ويشكلون خطرًا قائمًا على الأبرياء في الطرقات.
حين يقود المرء سيارته ذاهبًا لمكان ما وروحه على كفه وكل تفكيره في النجاة من حادث قد تكون أقل تكاليفه عطب في السيارة ولحظات رعب وهلع عاشها السائق/ة فإن الذوق قد لا يصبح سمة من سمات قيادة آمنة، ولعل من أهم أسباب الكوارث في طرقاتنا من وجهة نظري هو السائق الآسيوي الذي لا يملك أدنى أخلاقيات القيادة ولا أبجدياتها، كما صغار السن من أبنائنا الذين يقودون بلا رخص بحجة حاجة الأسرة لهم لعدم السماح للمرأة بالقيادة (سابقًا) والسبب الرئيس استخدام البعض للجوالات أثناء القيادة وهذه جريمة يجب أن يعاقب عليها بشدة وبأشد أنواع العقاب لما يصدر عنها من تجاوزات ومخالفات ومضايقات وإفساد للذوق العام في الطريق.
نتطلع أن تصبح القيادة في شوارعنا متعة وذوقًا وفنًّا وأن يكون العقاب بالمرصاد لمن يتجاوز القوانين والأنظمة ويستهتر بحياة الآخرين.