ماجدة السويِّح
استحوذ تحدي «Bird Box Challenge» على شبكات التواصل الاجتماعي بعد ظهور فيلم «Bird Box» المنذر بنهاية العالم، وتنافس العديد من المؤثّرين والمشاهير، وكذلك المتابعون على إعادة تمثيل الفيلم في حياتهم اليومية عبر عَصّب العينين محاكاة لأبطال الفيلم، وممارسة أعمالهم اليومية في المنزل أو الشارع، وتوثيق تجاربهم، ومن ثم مشاركتها على الهاشتاق الخاص بالتحدي، الذي لا يخلو من المغامرة والمجازفة والتعرّض ربما للإصابات الخطيرة.
الإلهام لفكرة التحدي، وتنفيذه ومشاركته على وسائل الاتصال الاجتماعي، ساعد على تحوله لظاهرة عالمية، ودفع شركة نتفليكس إلى التحذير من عواقبه، بعد تزايد أعداد المشاركين، وتعريض أنفسهم للخطر، المثير أن التحدي لم يكن محصوراً في فئة المراهقين، بل انضم للتجربة مختلف الشرائح العمرية.
وعلى الرغم من التحذير المصاحب للتحدي بعدم تجربته، إلا أن ذلك التحذير جاء بنتائج إيجابية فيما يتعلّق بالترويج، وتحقيق الانتشار أكثر مما كان متوقّعاً.
حالة الانسياق والتعلّق ببعض الشخصيات في الأفلام لفتت أنظار العديد من العلماء والباحثين لدراسة مدى تأثير التلفزيون والسينما على سلوك البشر، ودرجة ذلك التأثير الذي يتدرج بحسب قوة التعرّض وتكراره، وبحسب عدد من العوامل الشخصية والاجتماعية.
فالتأثير الدرامي للمحتوى المتضمن للجنس أو المخدرات ساهم في رفع معدلات الاعتداءات والتحرّش، والتدخين وتعاطي المخدرات بحسب بعض الدراسات التي ربطت بين التعرّض للمحتوى وتكراره، والسلوك الإجرامي.
الظاهرة في تأثير المحتوى على السلوك البشري تمت ملاحظتها قديماً، فعلى سبيل المثال أحدث فيلم «The program» البرنامج عام 1993، موجة من التحدي والمحاكاة لأبطال الفيلم في تجربة الاستلقاء في وسط الطريق بين السيارات المسرعة، حيث أثر ذلك المشهد في تزايد أعداد المراهقين، ممن لقوا حتفهم والمصابين بعد تجربة المشهد.
ونتيجة لذلك قرَّر منتج الفيلم الذي يدور حول كرة القدم الأمريكية، حذف ذلك المشهد بعد تزايد موجة التقليد والتحدي لاختبار الشجاعة.
في الواقع أن موجة التأثر والتحدي الحديثة أكثر ضرراً، لسهولة تداولها وانتشارها، وبالتالي عولمتها عبر الشبكات الاجتماعية، التي تعرض الممارسات مباشرة، وتشجع على نشر مقاطع الفيديو المجنونة، لاجتياز التحدي، والانضمام لطوابير المتأثرين والمقلّدين.