فهد بن جليد
في الثقافة الأمريكية نادراً ما يتم التنازل عن «السنتات» المُتبقية من أي عملية شراء أو دفع، فالمُستهلك هناك لا يخجل من الانتظار على رأس قائمة من الزبائن الآخرين، حتى يتمكَّن البائع من التسوية المالية فهذه مُشكلة التاجر وليست مُشكلة المُستهلك، الوضع لدينا يبدو مُختلفاً فالمُستهلك هو من سيدفع، وهو المسؤول عن توفير «الهلل» أو القبول بعروض التاجر» رغم تحذيرات وتعاميم وزارة التجارة والاستثمار.
المؤسسات النقدية الضخمة والعملاقة على مستوى العالم كالبنوك وغيرها, ترى أرباحها في «الفراطة» أو الهلل للعمليات البنكية المُتتابع والمُتتالية, بل ربما دفعت مبالغ ضخمة لتصميم وبناء وتطبيق برامج جمع الأكسار والأعشار في العمليات الحسابية للعملاء بشكل سريع ودقيق، الثقافة الوحيدة المُتراخية في جمع «ما تبقى» من الحساب هي ثقافتنا المحلية للأسف، كنت أعتقد أنَّ إضافة الكسور على أسعار بعض المُنتجات، سيجعلنا أكثر يقظة, ولكنَّ المُشاهَد عند صناديق المحاسبة أنَّ المُستهلك السعودي ما زال يتعامل مع هذا الملف «بخجل كبير»، فهو سيدفع قيمة الفاتورة للبائع على شكل «عملة صحيحة», ولكنَّه لن ينتظر طويلاً عندما يتظاهر البائع بعدم وجود «هلل», ويطلق تلك الابتسامة الصفراء على طريقة «لا تصير حقنَّه» ما عندنا «فكَّة».
في السابق لم نكن جميعاً نهتم بأخذ المُتبقي من «الهلل»، ولكنَّ بعد تفعيل الاستخدام, كفل لنا النظام كمُستهلكين الحق في الحصول على القطع المعدنية المُتبقية بكل فئاتها، وأوقع على التاجر الذي يمتنع أو يتحجَّج بعدم وجود «هلل كاف» يعرّض نفسه للعقوبة متى ما تم الإبلاغ عنه، إلاَّ أنَّ عدم تفاعل المُستهلكين المحليين أصلاً ساعد في تفشي الظاهرة، فنحن ما بين مُتعامل «بالشبكة البنكية» للخروج من المأزق، وما بين مُتسامح مُفرِّط, حتى أصبح ينظر لمن يُطالب بحقه من «القطع المعدنية» من باقي أجزاء الريال، بأنَّه «حقنّة وعِلَّة»، وسلوكه يفشِّل في مظاهر عالم «البريستيج» الكاذبة.
وعلى دروب الخير نلتقي.