رمضان جريدي العنزي
للبعض نزعات وميول نفسية ذات طابع سلبي، تبرز كسلوكيات وتصرفات غارقة في الغرور والأنانية والتعالي، تتجسد في شكل أوهام وخيالات وإرهاصات مرضية تنم عن عدم الثقة بالنفس، وعن عجز بائن في كيفية التعامل مع الحياة والناس من منطلق بسيط هين ويسير بعيداً عن نرجسية الذات وتكبير الأنا، والتي قد تقذف بصاحبها نحو مناطق السقوط والذبول والانكسار، ويمكن أن تورط صاحبها في نزاعات وصراعات مع الذات ومع الآخرين وفق أشكال وأنماط ومواقف متنوعة ومختلفة، أن محاولة البلوغ والتأنق والتألق والتفرد وبشكل مطلق، قد تفضي نحو إشكاليات صعبة، تجعل من صاحبها يتقوقع في متطلبات الذات، ومطبات الواقع، أن الرغبات الجامحة في تمجيد النفس والتفكير الدائم والعميق بالذات، دون أن يعير للآخرين أيًّا من الاهتمام والحرص، يعد عملاً مرفوضاً وغير مقبول في المجتمعات الصحية، أن الغرور والأنانية والفخر والاعتداد المرضي بالنفس تعد من أفتك الأسلحة التي تدمر وتخرب الإنسان وتمنعه من الإنجاز والتفاعل والمشاركة مع الآخرين بصور طبيعية شتى، أن التفوق الذي يشعر به صاحب الأنا غالباً ما يكون تفوقاً مبنياً على أمور ثانوية خارجة عن الإنجازات المؤثرة في المجتمع: (أنا فعلت كذا.. اشتريت كذا.. بعت كذا.. أنجزت كذا.. أنا.. أنا.. أنا) هذه التعابير والسلوكيات تعد استخفاف ومزايدة على إنجازات الآخرين، أن محاولة إشباع الأنا المحرومة والغارقة في رفع الذات، يعد عملاً هجيناً وفعلاً قاصراً لا ينم عن الثقة والثبات، أن الإنسان الذي لا يتحكم في نظام الأنا والسيطرة على الذات، سيقع حتماً في الهاوية، وسيسلك دروب معتمة ومسدودة، أن على الإنسان الحصيف أن يتعامل في ترشيد الأنا وترويضها والتعامل معها وفق الواقع المبين، بعيداً عن إغراق الذات في التمجيد والتضخيم والتكبير، أن محاولة إعطاء الذات أكبر من حجمها الفعلي والواقعي يعرض صاحبها للوقوع في المآزق والالتباسات، والتي تفقده التوازن والانضباط والحياة الطبيعية، أن اللامعقول في محاولة إبراز الذات على حساب الآخرين يعد تصرفاً غير مسؤول وغير لائق ولا ينم عن وعي أو إدراك، أن البعض من الناس يفاجئوننا عندما يتحدثون عن أنفسهم بالإطراء المكثف عن أنفسهم وبشكل خرافي وغير مسبوق، وبعيداً عن الحقيقة والواقع، وبإسهاب غير منطقي وفيه خلل بائن وعور، مصرًّا على أن إنجازات الآخرين لا تساوي مقدار ذرة عن إنجازاته المهولة(!)، فيبدأ بالسرالطويل والتبيان الجائر واستصدار إنجازات وهمية لا أساس لها من الصحة، والتضخيم والتهويل بالقول مفردة وجملة، أن هؤلاء البعض من الناس لا يستقرون على حال، ولا يرضون بالموجود، فهم في ولع دائم في كيفية وضع الذات وبروزتها في أطر ثمينة ومغايرة، فنراهم دائماً يمتطون التحديات والرهانات الوهمية والواهية والزائفة، التي لا يمكن تنزيلها على أرض الواقع، ولذا نراهم أيضاً يهوون ركوب حماقات الأنا وتعرجاتها وانحرافاتها غير المألوفة وغير المأمونة العواقب، أنهم بأفعالهم هذه يدمرون التفكير والسلوك والحال والواقع، أن تجاهل الآخرين، والتغافل عن إنجازاتهم الحقيقية، والتفكير الدائم بالنفس الواحدة، والرأي الواحد، والإنجاز الواحد، والتصرف الواحد، هو فعل خاطئ، وتفكير قاصر، وتحليل غير واقعي، وبعيداً عن الحكمة والاتزان، أن هذه الأفكار والتصرفات تهدم وتقوض الذات الإنسانية لأنها انساقت وراء غرائز ورغبات غير رصينة ولا موضوعية، ولكونها نابعة من ذات مفرطة بالأنانية المتوحشة.