م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. ابتعثت مطلع عام (1977م) للدراسة في أمريكا وتخرّجت من الجامعة عام (1982م) وبدأت العمل في مدينة الرياض.. عاصرت وشاهدت وسمعت وشاركت في أحداث صحوية.. هي اليوم نقش في ذاكرتي.. أطرتها ذلك الحين بإطار المناهض الذي عاد للتو من بعثته ووجد مجتمعاً غير المجتمع الذي فارقه قبل ست سنوات.. واليوم أنظر للصحوة بمنظار المراقب الذي يشهد الهزيع الأخير من شمسها بعدما عايش مراحل صعودها وتسيد خطابها على المجتمع.
2. شهدت عقد الثمانينيات بأكمله وأنا حديث التخرّج والدخول في سوق العمل.. لذلك فشهادتي عن تلك المرحلة هي شهادة البالغ المتعلّم القارئ.. وبالتالي فهي تأتي من شخص كان واعياً ومدركاً في ذلك الوقت لما يجري حوله على الساحة.
3. الصحوة كما رأيت بدأت كخطاب جماهيري بعد عام (1975م).. بعدما تم التمهيد لظهورها مجتمعياً منذ مطلع الستينيات الميلادية في كل برامج التعليم والإعلام.. حيث بسطت نفوذها على الساحة طوال عقد الثمانينيات.. وفي التسعينيات انطلق صوتها المعارض وانقسمت إلى تيارات منها تياران تنازعا النفوذ على المجتمع فكرياً وجغرافياً وهما «السرورية والجامية».. أما في العقد الثالث من عمر الصحوة الذي هو مطلع الألفية الثالثة حدثت غزوة نيوريوك.. وانتفض المجتمع الدولي مطالباً باستئصال الفكر الذي يُخْرج الإرهاب واتهموا بها الصحوة.
4. هيمنت الصحوة على مفاصل المجتمع العام والرسمي.. وخُصِّص لرجالها قطاعات كاملة.. وكان خطابهم هو المقدم في التعليم والإعلام والتوجيه.. وتم التعامل مع أي خطاب لا يتفق مع خطاب الصحوة بالقمع الشديد.. وهو ما كان على النقيض تماماً من الأبوة السياسية التي كانت تظهرها الدولة مع المختلفين معها.. وبقدر ما سُمِح للمختلفين مع الدولة بالظهور الإعلامي ورُفِعَ سقف التعبير لهم.. بقدر ما مُنِع منعاً باتاً على المختلفين مع خطاب الصحوة الظهور أو الحضور الإعلامي أو الثقافي.
5. على مدار الأسابيع القادمة إن شاء الله سوف استعرض في سلسلة مقالات قراءات بعض كبار أعلام معاصري الصحوة.. بحيث أغطي في كل مقالة ملخصاً على شكل نقاط لرأي شاهد من داخل عباءة الصحوة وهو الدكتور عبدالرحمن الزنيدي.. ثم شاهد من خارج عباءة الصحوة وهو الدكتور عبدالله الغذامي.. ثم قراءة أجنبية مستخلصة من كتاب «زمن الصحوة» للكاتب ستيفان لاكروا.. واختمها بقراءة خاصة.