د. خيرية السقاف
قيادة مؤسسات المجتمع باختلافها ليست سيادة،
فالقيادة بدءاً هي رسم للأهداف، وتخطيط للتفاصيل، وعمل على التنفيذ، ودافع للشراكة مع كل فرد ينتمي للمؤسسة، بتوزيع التكاليف، وتحديد الصلاحيات، ودعم الجهود، وعدم إنكارها لأصحابها..
القيادة تجرد من إيثار النفس، والتنزُّه عن سلب جهود المنفذين لتفاصيل التكليف وإن صغرت مراتبهم، وعلت هممهم..
القيادة حرص على مصلحة كل ما يمت إلى العمل، ومن ينتمي للمؤسسة، وأولها الأهداف، وأولهم العنصر البشري، بالعمل على تحقيق الأهداف بتأهيل المتقاعس وإن علت رتبته، وتحفيز النابه وإن تواضعت مسؤوليته..
القيادة مصباح لعتمة، وعصا لعَرَج، وجدار لمتهالك، وضخ لهمم، وثقة في غير إفراط، وانتباه في غير تعسف..
القيادة فعل دومي، وجهد متدفق، ويقظة بوعي، وسماحة في حكمة، وإنصاف وإن من النفس..
القيادة إيمان مطلق بجهود الأفراد، واحتفاء بالعناصر الفاعلة، واعتراف بالخطأ، وتجاوز عن سهو، وحسابٌ على الخلل، وإصغاء للأفكار، وتبنيها بحدب، ومبادلة للرأي، وتراجع عن قرار لتقديم المصلحة عليه،
القيادة قرار في موقف، وتوقيع بعد التأكد، وحزم للتنفيذ..
القيادة إصرار على النجاح، وسعي للبلوغ والفلاح..
فنجاح القيادة ليس بكثرة الكلام، ولا بجوقة الظهور، ولا بصد الباب، ولا بانتشاء الصدر، ولا بالوسم قبل الحضور، ولا بالرسم عند المثول..
كما لا يُقاس نجاحها بصريح المديح، ولا بالتلميح، إنما يُقاس بالناتج الحقيقي للفعل حصاداً مثمراً، فهو بالنهايات ذات الكفايات، بالصدق، والحق، لا بالكذب، والتلميع..
ونجاح القيادة من نجاح الفريق، فلا يصدِّر القائد اسمه لمنتج غيره، ولا يواري الصانع خلف ستار، ولا يهمل منحه ما يستحق من الاعتبار..
فالقيادة الناجحة يكون فيها نجاح الفرد نجاحاً للجماعة..
والقيادة الناجحة يكون فيها القيادي إنساناً بوعي مداركه، ووعي مشاعره، ووعي فكره، ووعي منطقه، يتسع بكل ذلك صدره لأية أزمة، ويتجاوزها بأزر فريقه، ويضيف إليها قوة دعمه، فيحقق نجاحاً ذا أبعاد، وذا أجنحة تمتد من أول خطواته نحو موقع عمله، إلى آخر حلم عند ابتسامة عامل معه، حين يضع رأسه على وسادته مبتسماً راضياً..
نجاح القيادي وقاية لكل أفراد مؤسسته من الفشل، والألم، والغبن، والظلم، والتضجر حين تصبح بيئة العمل ميداناً للسرور، والرضا، والاطمئنان، والثقة، والعدالة، فتغدو مصنعاً للعطاء، والتضحية، فالإنجاز، والإنتاج..
إن العمل وحده منطلق الإدارة الناجحة، والقيادي النموذج..
وإن الحصاد من كل ذلك هو الشاهد بين أيدي الفريق من حارس المدخل، إلى رأس الهرم..