محمد سليمان العنقري
مراحل الانكماش في الاقتصاد تعد فاصلاً زمنيًا مهمًا جدًا لإعادة تقييم واقع المنشأة وما الثغرات الموجودة في عملها؟ وما مستقبل نشاطها وأين يجب أن تتجه وتتوسع لتحقق هدفي «الاستمرارية والتوسع»؟ ففي فترة الرواج الاقتصادي الجميع يكون سعيدًا بنمو المبيعات والأرباح ويقبل على التوسع غالبًا بإحساس مفعم بالعاطفة «التفاؤل» دون إعطاء أهمية للمخاطر المحتملة مثل تباطؤ نمو الاقتصاد أو انكماشه الذي عند الدخول به تبدأ المصاعب والتحديات بالظهور أمام القطاع الخاص ويصل بعضهم لمرحلة البحث عن البقاء.
عادة فإن أغلب من يتحوطون لفترات الانكماش هم الكيانات الكبيرة والعريقة التي مرت بتجارب عديدة وعايشت كل فترات الدورات الاقتصادية بحلوها ومرها وتعلموا الدروس والعبر منها وبدأوا بتنويع مصادر دخلهم وتعدد أنشطة منشآتهم لإيجاد التوازن كما أنهم اهتموا بالإدارات المهمة التي تعلق جرس الإنذار لهم مبكرًا مثل الإدارة المالية وإدارة المخاطر والتسويق ولديهم أيضًا عقود مع شركات مالية واستشارية تزودهم بكل ما يحتاجونه من استشارات ومعلومات حول أوضاع الأسواق والتوقعات لها. لكن من يلجأون لمثل هذه الأساليب الإدارية المتقدمة قلة عمومًا خصوصًا باقتصادنا المحلي ولذلك تجد نسبة لا يستهان بها يتعثرون بسداد التزاماتهم ويكونون غير مستعدين للتغيرات بالسوق، ولذلك تسمع كثيرًا من المطالبات بالدعم والتحفيز من الحكومة لتجاوز أي مرحلة اقتصادية ينكمش بها الاقتصاد أو يتباطأ النمو كما حدث في عام 2017م بعد الهبوط الحاد بأسعار النفط ولذلك فإن من المهم للمنشآت القائمة حاليًا أن تنهج أسلوب إدارة متقدم وتطور من هياكلها وآلية صناعة القرار فيها وأن ترسم خطط للتحوط المستقبلي ولا تغرق بالقروض بما يفوق قدرتها على سدادها أو سداد التزامات أساسية كالرواتب إضافة لقراءة مستقبل النشاط الذي تعمل به وما يحتاجونه من تطوير وانتقال للتقنية الحديث وأن يكون هناك مساندة من قبل «هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة» بأساليب مبتكرة تحديدًا بالاستشارات الإدارية والمالية عبر شركات متخصصة يمكن لها ان تقدم النصح المطلوب لمن لا يملكون القدرة على التعاقد معها وفق آلية مدعومة تقلل عليهم تكلفة الاستشارات. يمكن للقطاع الخاص أن يطلب الدعم والمساندة الحكومية لتجاوز الحالات العامة الصعبة كالانكماش بالاقتصاد وهو ما يحدث بمختلف دول العالم، لكن ذلك لا يكفي ولا يعالج الخلل إِذ لا بد من أن تتجه منشآت القطاع الخاص بمختلف أحجامها للاعتماد على أساليب الإدارة الحديثة وتغطية النقص بالكوادر والإدارات المهمة التي تعينها على تحديات الأسواق فإصلاح البيئة الداخلية للمنشأة أحد أهم عناصر نجاحها وتوسعها واستمراريتها.