أدى قرار هيئة الغذاء والدواء بالتزام المطاعم بتحديد السعرات الحرارية على الوجبات المقدمة إلى صدمات من قبل المستهلكين، خاصة في الوجبات السريعة لما تحويه من سعرات حرارية عالية متناسين تحذيرات سابقة من الأطباء من خطرها على صحة الإنسان والتسبب في السمنة ومن ثم أمراض مزمنة. وتم تداول السعرات الحراية للوجبات وكأننا أمام اكتشاف خطير لما تحويه من سعرات حرارية عالية متناسين الشواهد في المجتمع وانتشار السمنة وخاصة بين الأطفال والمعدلات العالية من الأمراض المزمنة في مرض السكري والضغط، وهي في الأغلب نتيجة عاداتنا الغذائية ونشاطنا البدني وإسرافنا في الطعام. علما أن السعرات الحرارية (بعيداً عن جدل دقة القياس) قد تكون عاملا مفيدا لمعرفة ما نتناوله وقد يكون محفزاً لتقليل الكميات التي نتناولها، وإن كنت أعتقد أن معرفة السعرات الحرارية لن يتمكن من التأثير ورصد من يضربون بالخمسة لأنها تحتاج إلى فريق متكامل للبحث والاستقصاء.
إن معرفة السعرات الحرارية للوجبات التي تتناولها يشكل عاملاً مهماً، كالإضاءة في السيارة وأنت تقودها بالليل تحتاج لها كي تستدل على الطريق وتتجنب المطبات والطرق الوعرة لكن يبقى طريقة قيادتك وسرعتك والتزامك بالأنظمة المرورية الأخرى عوامل مهمة لتصل بأمان. لذا لتحقيق نتائج إيجابية من معرفة السعرات الحرارية لابد من مراعاة عوامل أخرى منها السلوك البدني (الرياضة)، العمر، الطول والتاريخ الصحي إضافة إلى عامل مهم وهو تأثير الأطعمة عليك كحالة فردية، فنرى في مخالطتنا من الناس من يؤثر فيه الأطباق الحارة، ومنهم من تسهره القهوة، ومنهم من يتأثر بالخبز أو الرز.
فخلاصة معرفتك للسعرات الحراية بداية لتصحيح مسارك ويعطيك إضاءة واضحة (إلى حد ما) لتخفيف سرعاتك في الأكل وانتقاء ما تأكله وزيادة المواد المفيدة والتخفيف أو البعد عن الوجبات الضارة، مع إيماننا أن الطعام من الحاجات الضرورية والممتعة في حياتنا فلنحرص للاستمتاع بها دون تحويلها إلى مدمرة لصحتنا وكما يقال الإنسان طبيب نفسه.