تتضافر جهود وزارة التعليم خلال الأيام القادمة لتحفيز الطلاب والطالبات على الانضباط في الحضور إلى المدرسة حتى آخر يوم في الدراسة لطمس فكرة «الأسبوع الميت» من عقول الطلاب والطالبات التي قد ترسبت لفترة من الزمن.
ومن ذلك فقد حث معالي وزير التعليم د. أحمد العيسى عبر حسابه في تويتر جميع العاملين في الميدان التعليمي على ضرورة بذل الجهود كافة لاستمرار الدراسة إلى آخر يوم في الدراسة.
وفي رأيي الشخصي، إن معظم العاملين في الميدان التعليمي سيؤدون عملهم على أكمل وجه، ولكنهم يحتاجون من معالي وزير التعليم إلى تحفيز ودعم معنوي بحكم أنه قائد مسيرة التعليم في وطننا الغالي؛ لكي يؤدوا عملهم كما يجب بأريحية بعيدًا عن أي تصريحات أو تعاميم قد تؤثر عليهم بشكل سلبي.
كما أسمت وزارة التعليم الأسبوع الأخير من الدراسة الذي يسبق أسبوعَي الاختبارات النهائية، ابتداء من تاريخ 2 ربيع الآخر إلى 6 ربيع الآخر، باسم «الأسبوع الحي» بدلاً من «الأسبوع الميت» الذي تم تداوله بين بعض أفراد المجتمع في السابق.
وفي رأيي الشخصي، تعد فكرة تغيير اسم الأسبوع الأخير بالأسبوع الحي جيدة؛ لأن العقل الواعي لدى الإنسان لا يحتمل سوى فكرة واحدة؛ لذا يفضل علماء النفس أن تكون هذه الفكرة إيجابية، وليست سلبية.. ولكن هذه الفكرة لن تكفي وحدها لضمان انضباط الطلاب والطالبات في الحضور إلى المدرسة في الأسبوع الأخير من الدراسة.
ففي السابق اتخذ معظم قادة المدارس إجراءات احترازية لضبط حضور الطلاب والطالبات في الأسبوع الأخير من الدراسة، ومن ذلك وضع الاختبار النهائي لمادتَي التفسير والحاسب الآلي في الأسبوع الأخير من الدراسة, إلا أن وزارة التعليم أصدرت قرارًا في العام الدراسي الماضي يشدد على عدم إجراء أي اختبار نهائي في الأسبوع الأخير من الدراسة بل توضع جميع المواد الدراسية في أسبوعَيْ الاختبارات المحددة آنفًا.
وفي رأيي الشخصي، بعد هذا القرار فإن إدارة المدارس والمعلمين والمعلمات سيقع على عاتقهم حمل ثقيل، وتحدٍّ كبير لضمان انضباط الطلاب والطالبات في الحضور إلى المدرسة في الأسبوع الأخير من الدراسة.. فهل سيجتازون ذلك التحدي؟
قد يتساءل البعض: لماذا؟
في الحقيقة إن بعض بيئاتنا المدرسية - إن لم يكن معظمها - غير جاذبة للطلاب والطالبات؛ والدليل على ذلك في طيلة أيام السنة الدراسية شغف وفرحة الطلاب والطالبات عند الخروج من المدرسة أكثر من شغفهم وفرحتهم عند الحضور إلى المدرسة.
مع التنبيه بأن هذا الأمر قد يعد مقياسًا صادقًا على مدى «جودة التعليم» لدينا بصرف النظر عن أي أرقام أو إحصاءات أخرى تصدر من أي جهة كانت.
لذلك كان اختبارا مادتَي التفسير والحاسب الآلي يعدان آخر خيط لدى إدارات المدارس لجعل الطلاب والطالبات ينضبطون في حضورهم إلى المدرسة في الأسبوع الأخير من الدراسة.
وعندما نتمعن قليلاً في أسباب غياب الطلاب والطالبات في الأسبوع الأخير من الدراسة لوجدناها قد تنحصر فيما يأتي:
1- الفهم الخاطئ لدى بعض الطلاب والطالبات بأن الأسبوع الأخير يحق لهم الغياب فيه في ظل انتهاء المعلمين والمعلمات من شرح الدروس.
2- التشجيع الخاطئ من بعض أسر الطلاب والطالبات على غياب أبنائهم وبناتهم عن المدرسة في الأسبوع الأخير، والمكوث في البيت للمراجعة قبل الاختبارات النهائية.
3- تساهل بعض إدارات المدارس في إدخال غياب الطلاب والطالبات في الأسبوع الأخير من الدراسة, وعدم الحسم من درجات المواظبة كما ينص عليه النظام.
4- انتهاء بعض المعلمين والمعلمات من شرح الدروس قبل الأسبوع الأخير من الدراسة؛ وهو ما يوحي للطلاب والطالبات بأنه لا حاجة من حضورهم في الأسبوع الأخير من الدراسة.
5- رغبة بعض إدارات المدارس في تقليل عدد الطلاب والطالبات في الأسبوع الأخير من الدراسة لتوزيع لجان الاختبار وترتيب الطاولات والكراسي.. إلخ, مع أنني بوصفي كاتبًا قد أتقبل هذا الأمر، وخصوصًا في آخر يوم دراسي، وليس لمدة أسبوع كامل.
6- قلة توافر البيئات الجاذبة للطلاب والطالبات في مدارسنا, التي ستجعلهم يأتون للمدرسة عن حب وشغف حتى آخر يوم في الدراسة.
لذا سأطرح هنا بعضًا من المقترحات التي قد تسهم بشكل إيجابي في زيادة انضباط الطلاب والطالبات في الحضور إلى المدرسة في الأسبوع الأخير من الدراسة, وهي كما يأتي:
1- عدم حصر مسؤولية غياب الطلاب والطالبات في الأسبوع الأخير من الدراسة على مؤسسة تربوية واحدة، وإلقاء اللوم عليها؛ فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع لتعزيز انضباط الطلاب والطالبات في الحضور إلى المدرسة، بدءًا من الأسرة، وتليها المدرسة، وانتهاء بوسائل الإعلام.
2- حث الأسرة أبناءهم الطلاب وبناتهم الطالبات على الذهاب للمدرسة للنهل من العلوم المختلفة حتى وإن أنهى بعض المعلمين والمعلمات شرح دروسهم؛ فالمجال متاح في هذه الأيام لمراجعة الدروس والشرح من جديد لبعض المواضيع أو المسائل الصعبة أو التي قد تغيَّب فيها الطالب والطالبة عن المدرسة.
3- توعية وتثقيف الطلاب والطالبات بأهمية الانضباط المدرسي لهم في جميع أيام الدراسة من بدء العام الدراسي إلى نهايته.
4- وجود المعلمين والمعلمات (القدوة) الذين يحرصون على الإخلاص في عملهم كما أمرهم الله سبحانه وتعالى في قوله: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}.
5- تحفيز ودعم المعلمين والمعلمات بدلاً من تثبيطهم بعبارات تقلل من حماسهم وعطائهم داخل الميدان التعليمي؛ فالتحفيز من أهم عوامل النجاح لأي شخص كان, والدعم المعنوي مطلب؛ لأن بعض الأشخاص يتسمون بأنهم من النوع العاطفي الذين يتأثرون بالكلمات التي قد تشحذ همتهم لبذل مزيد من العطاء أو لتضعف همتهم لعدم وجود تقدير لهم ولعملهم.
6- كسر جمود اليوم الدراسي في الأسبوع الأخير من الدراسة بتنويع الأنشطة الاجتماعية التي من شأنها تعزيز انضباط حضور الطلاب والطالبات إلى المدرسة.
7- تنويع أماكن شرح الدرس للطلاب والطالبات من خلال الاستفادة من جميع مرافق المدرسة المتوافرة من مختبر ومركز مصادر التعلم والمسرح .. إلخ.
8- أن تطبق إدارة المدرسة لائحة السلوك والمواظبة على الطلاب والطالبات بشكل مستمر بدءًا من أول يوم دراسي إلى آخر يوم دراسي.
9- تكريم الطلاب المنضبطين والطالبات المنضبطات في المدرسة؛ فالتكريم يحفز ويشجع على إيجاد بيئة مدرسية منضبطة وجاذبة للتعلم.
10- الاستفادة من تجارب بعض المدارس الرائدة في ارتفاع نسبة الانضباط المدرسي لديها، وخصوصًا في الأسبوع الأخير من الدراسة.
ختامًا..
من الجميل أن ترى انضباط الطلاب والطالبات في المدارس, والأجمل من ذلك أن يكون سبب انضباطهم ناتجًا من حبهم للمدرسة والتعلم بها.
** **
Mosaedsaeed@hotmail.com
@Mosaedalbakhat