أ.د.عثمان بن صالح العامر
أعتقد شخصياً ومن خلال الملاحظة القريبة والمتابعة الدقيقة أن هناك تغيرا إلى الأحسن في مستوى الطلاب والطالبات الدراسي، الأمر الذي أدى إلى شدة التنافس على مقاعد التخصصات النوعية في الجامعات السعودية وصعوبة تحقق رغبات الكثير من المتقدمين على الطب خاصة، حتى وإن كانت نسبهم عالية، فالفرص تقل بل تندر أحياناً أمام شبابنا وفتياتنا الراغبين في هذا التخصص بالذات لمحدودية المقاعد في جامعاتنا السعودية، ولا أرجع هذا الأمر الإيجابي إلى تغير مستوى التعليم العام ولا حتى الجامعي بل يعود السبب - في نظري - إلى ارتفاع مستوى الوعي لدى الأسر، وشعورهم بأهمية حصول الابن وكذا البنت على نسبة موزونة عالية (شهادة الثانوية العامة + القدرات + التحصيلي)، حتى يتسنى لهم دخول المسار التخصصي الذي يرغبون به والمطلوب في سوق العمل السعودي والعالمي، ويتأهلون من خلال هذا المسار علمياً ومهارياً فيكون لهم التوظيف بعد تخرجهم برواتب مجزية وحوافز مغرية، وهذا الوعي هو نتاج طبيعي لتبدل الأحوال الاقتصادية ولتغير الجيل، فالآباء والأجداد كانوا غالباً لا يكترثون بالدراسة ولا يهتمون بمتابعة أبنائهم، خلاف جيلنا الحالي الذي أدرك أهمية التخصص المنتهي بالتوظيف فبدأ يبذل جهده في المتابعة والتوجيه والإرشاد.
وعلى هذا سيأتي اليوم الذي يبدأ فيه أولياء الأمور بمطالبة المدرسة برفع مستواها، نعم، قريباً سيحاسب المجتمع المعلم والمعلمة على تقصيره إن قصر، أو غيابه إن تأخر، فهو في النهاية أجير عند وزارة التعليم لتدريس أولادنا بأعلى كفاءة ممكنة، وبإخلاص وصدق، والطلاب جميعاً بلا استثناء المتميز والضعيف لديه أمانة سيسأل عنها يوماً ما، والرقابة عليه ليست فقط رقابة إدارية من قبل مركز الإشراف والإدارة العامة للتربية والتعليم، بل هناك رقابة مجتمعية وأشد منها الرقابة الربانية فضلاً عن رقابة الضمير الشخصية.
اليوم عندما تحضر للمدرسة من أجل أن تسأل عن المستوى الدراسي للابن أو تعطي رأيك في معلم ما يشعر قائد المدرسة أنك تتدخل في صميم عمله، ويرد عليك المرشد ما شاء الله تبارك الله الابن من أميز الطلاب ولو عنده مشكلة اتصلنا نحن بك (وكأن التميز يعني عدم وجود مشكلة فقط)، ولو طلبت أن تقابل مدرس المادة لمناقشته وجدت الامتعاض في وجوه القوم وربما اعتذروا لك بأنه في الفصل أو ما عنده حصة أو...
إنني في الوقت الذي أبارك لصاحب المعالي الأستاذ الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ الثقة الملكية الكريمة التي حظي بها من لدن مقامي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أقترح على معاليه الكريم - والمقام هذه الأيام مقام الحديث عن التطلعات والطموحات والأمنيات التي تساق في مقام رؤية المستقبل السعودي الواعد القريب منه والبعيد وصولاً لعام 2030، والاستفادة من هذه النزعة الرقابية التي بدأت تدب في جسد كياننا الصغير، وتأهيل قيادة مدارسنا وطاقمها التعليمي والإرشادي في كيفية التعامل الإيجابي مع هذا النوع من الرقابة الأبوية التي يقوم بها الأب في حق الذكور والأم إزاء البنات، مع العلم أن هناك جهودا لا تنكر من قبل بعض قيادات مدارسنا ولكنها لم تؤطر في إطار وزاري رسمي يجعلها منظمة ومبرمجة مرصودة ومتابعة، تعمم على الجميع ويلتزم به الكل، وعنّي شخصياً فإنني أثمن لقيادة مدرسة أبنائي اهتمامها وحرصها وإتاحتها الفرصة لي - مثلي مثل غيري من أولياء الأمور - المتابعة والسؤال والمقابلة، ولكن يبقى الأمل أكبر في تحقق المزيد. حفظ الله لنا ولكم الذرية ووفقهم في حياتهم العلمية والعملية وإلى لقاء والسلام.