د. أحمد الفراج
هذه الأيام، تجري وسائل الإعلام الأمريكية تدريبات ساخنة، استعدادًا للانقضاض على الرئيس ترمب، ويتراءى لي أشرس خصومه، كريس ماثيوز وكريس هيز وريشال مادو وجيم اوكاستا، وهم في حالة تأهب قصوى، انتظارًا لملاحقة مجلس النواب لترمب، بعد سيطرة الديمقراطيين على المجلس، وكنت قد ذكرت في مقالي الماضي أنه من المتوقع أن يتم انتخاب النائبة عن ولاية كاليفورنيا، نانسي بلوسي، رئيسة للمجلس، وقد تم ذلك، وهي سياسية مشاكسة، وسبق لها التراشق الحاد مع ترمب، وهذا سيضفي بعدًا عدائيًّا لعلاقة الرئيس بالمجلس، وسيكون هذا أمرًا مرغوبا من الإعلام، الذي ستزداد حدة هجومه على الرئيس، خصوصًا عندما يبدأ النواب في ملاحقته في عدة قضايا، أهمها بكل تأكيد مسألة سجله الضريبي.
ترمب، والحالة هذه، في أمس الحاجة لدعم الجمهوريين، ففي مثل هذه الأوقات العصيبة، يكون الحزب هو الحضن الآمن، وغني عن القول إن الولاء الحزبي في السياسة الأمريكية أمر يمكن الاعتماد عليه، فهو تقليد يضرب في أعماق تاريخ هذه الامبراطورية، ومن حسن حظ ترمب أن الجمهوريين احتفظوا بسيطرتهم على المجلس الأهم والأقوى، أي مجلس الشيوخ العتيد، ومع ذلك فإن هناك جمهوريين من عيار ثقيل، دخلوا في مواجهة مع ترمب، فالسيناتور لينزلي قرام، الذي كان على علاقة ودية معه، انقلب عليه فجأة، ولم يكن ذلك مستغربًا، فقرام جمهوري تقليدي، مثل آل بوش وريجان، وسبق أن واجه الرئيس، بعدما صرح الأخير بتصريحات عنصرية، وقال له: «سيدي الرئيس.. أنا معك، إلا عندما تكون القيم الأمريكية على المحك»، وكأن هذا ليس كافيًا للرئيس، الذي يواجه أوقاتًا صعبة، وضغوطا شديدة، بعد قراره بالانسحاب من سوريا، واستقالة وزير الدفاع، الجنرال جيمس ماتيس.
ميت رومني سياسي جمهوري من ولاية يوتا، ينتمي لطائفة المورمن المسيحية، وكان قد فاز بحاكمية ولاية ماسيشيوتس، ثم ترشح للرئاسة في انتخابات عام 2012، وبعد جهد كبير، خسر أمام باراك أوباما، وبعد ترشح ترمب للرئاسة، هاجمه رومني، وحصلت بين الرجلين معارك شرسة، وبعد فوز ترمب، وفي مفاجأة يصعب تفسيرها، استدعى ترمب رومني، والتقى الرجلان في مقر حملة ترمب، في مدينة نيويورك، وأشارت التقارير إلى أن الرئيس المنتخب سيعرض على رومني منصب وزير الخارجية، وأبدى الأخير ترحيبًا بذلك، ثم تجاهل ترمب الأمر، ورشح ريكس تيلرسون للمنصب، ويبدو أن رومني حملها في نفسه، وربما اعتقد أن ترمب تقصّد إهانته، انتقامًا من هجومه السابق عليه، ثم وفي الانتخابات النصفية الماضية، ترشح رومني لمجلس الشيوخ، وفاز بسهولة، وقبل أيام، شن هجومًا عنيفًا على ترمب، ما يعني أن ترمب لن يكون في مواجهة الديمقراطيين الغاضبين وحسب، بل وجمهوريين غاضبين أيضًا، ما يجعلنا نترقب مواجهة تاريخية، بين الرئيس من جهة، وخصومه من كلا الحزبين من جهة أخرى، وهي مواجهة ستكون في منتهى الإثارة، وتستحق المتابعة!