أدركت القيادة -أيدها الله- منذ أمد بعيد بأن الجهود العادية القديمة لا تكفي لتحقيق التنمية الاقتصادية، وبأنه لا بد للتقنية المتطورة من أن تلعب دورها الطبيعي وتكون عامل بناء، ولإدراكها التام أيضا بأن التقنية متغيرة دائما، عمدت لخوض هذا السباق، سباق التحول الرقمي للوصول لوطن مُمكّن رقمياً، ولعل هذا الإدراك هو نتاج لرؤية عميقة تنظر بها عين هذه القيادة الثاقبة في شتى الأمور ولأنها تدرك أنه لا حل أسلم من متابعتها وفهمها لإدخالها في الحياة اليومية، فكان ما كان من تطور في بنية وأدوات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، وكان ما كان من تيسير في الحصول على الخدمات للمواطن والمقيم عبر النوافذ والبوابات التي أتاحتها الجهات الحكومية كافة بالتعاون مع برنامج التعاملات الحكومية الإلكترونية «يسّر».
ولعل المتابع يجد بأن حكومة المملكة قد خطت خطوات واضحة وملموسة على أرض الواقع من أجل التحول الرقمي، وتسهيل حياة الأفراد - مواطنين، مستثمرين، مقيمين - في المملكة من خلال خدمات تقدم بصيغة ذكية يحصل عليها بكبسة زر عبر الهواتف والأجهزة اللوحية، وبات المسؤول والموظف قادرين على إنجاز كافة معاملاتهم من خارج المكتب على مدار الساعة من دون التقيد بساعات الدوام الرسمي.
لقد كانت الأسابيع الماضية زاخرة بكم هائل من الخدمات الذكية التي أعلن عنها، وشاملة بأنواع متميزة من خدمات تغنينا جميعاً عن الطوابير وساعات الانتظار من أجل إنهاء معاملة، والشاهد تسابق الجهات الحكومية في توظيف خدمات تقنية لزيادة الإنتاجية واستكمال مسيرة التحول الرقمي، وأنجزت عددا من الجهات نسباً عالية بتحويل الخدمات إلى الصيغة الرقمية كوزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية والتي أطلقت مبادرة البلدية الإلكترونية، مؤخراً، متيحةً بذلك حوالي 55 خدمة، إلى جانب عدد من الجهات الحكومية التي قامت بتطوير خدمات أخرى أطلقتها سابقاً، فبرنامج التحول الرقمي في حالة من التطور المتواصل والتفاعلي مع كل جديد، والأهم من ذلك ما قامت به العديد من الجهات من تثقيف لموظفيها وتحفيزهم لممارسة دورهم عبر منظومة التحول الرقمي، وتشجيع الجمهور باستخدام تلك الخدمات الإلكترونية التي تسعى لتسريع الإجراءات المقدمة لهم وضمان جودتها، وبفضل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ممثلة في معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحه او كما يحلو لي تسميته بـ»السواها» فلقد لحقت مؤسسات كانت في مؤخرة الصفوف بركب التحول الرقمي وألغت العديد من تعاملاتها الورقية استجابة لنداء وزارة الاتصالات مثبتة جديتها في تحقيق رؤية المملكة 2030 والتوجهات الإستراتيجية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات المتمخضة عن هذه الرؤية الطموحة، ومازالت جهات أخرى تنتظر القطار ولم تتواجد بقوة في العالم الرقمي ولم تطرح خدمات إلكترونية حقيقية، ويعاني مراجعوها من الاجراءات الطويلة المعقدة ومن ساعات الانتظار الطويلة ومن الطوابير، فهل ستسابق الزمن كما تسابقه وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والجهات التي لبت نداؤها؟!
ختاماً، الكرة الآن في ملعب الجميع في ظل ما يزخر به القطاع من ترسانة قوية وبنية ذات مقومات هائلة للمشاركة للارتقاء بالخدمات رقمياً، للخلاص من كل طرق تنفيذ الخدمات السابقة التي كانت تثقل كاهل الموظفين والمستفيدين، وتعيق الوصول إلى الأفضل والأمثل، إذ أن
التطور النوعي في مستويات العمل الحكومي هو السبيل الذي يمكّن الباحثين عن المجد من الوصول إليه بالعمل النوعي المبتكر، القائم على العلوم والتقنية، في خدمة المملكة وشعبها.