د. محمد عبدالله الخازم
تبنت بعض جامعاتنا مؤخرًا بدعم وزارة التعليم ما يُعرف ببرامج ما بعد الدكتوراه، ولم يحن بعد تقييم المخرجات، لكنه مهم طرح بعض الأسئلة/ الملاحظات المتعلقة بأنظمتها. تدريب ما بعد الدكتوراه (أفضل مصطلح تدريب أو زمالة ما بعد الدكتوراه)، هو مرحلة انتقالية بين التأهيل بشهادة الدكتوراه والممارسة العملية كأستاذ جامعي مؤهل للاستقلالية المهنية، وتتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات، ويوازيه في الشركات مثلاً برامج التدريب المنتهية بالتوظيف. أهم الأسئلة والملاحظات كالتالي:-
أولاً: المدخلات. كيف سيتم اختيار الملتحقين بهذه البرامج؟ هل سيكون وفق شروط علمية تنافسية وشفافة أم لا؟ هل سيكون مفتوحًا للجميع للمنافسة أم سيحصر في تخصصات محدودة وخريجي دول محدودة؟!
ثانياً: طبيعة عمل متدرب ما بعد الدكتوراه. أخشى أن بعض الجامعات تريده مجرد مساعد باحث يجمع بيانات أو يسهم في إجراء التجارب دون وجود برنامج إشراف يتناسب مع مستواهم كحملة دكتوراه، ودون منحهم فرصًا للممارسة في كل مكونات العمل الأكاديمي كالتدريس والمشاركة في اللجان وتطوير المناهج وغيرها.
ثالثًا: الحقوق الوظيفية والمهنية. هل سيصنف متدرب ما بعد الدكتوراه ضمن أعضاء هيئة التدريس أم ضمن طلاب الدراسات العليا أم ضمن نظام خاص بهم؟ الأمر مهم لمعرفة المرجعية التي يحتكمون إليها في ما له علاقة بالوظيفة والحقوق والواجبات والتقاضي. أرى أن جامعاتنا ملزمة بمنحهم حقوقهم الوظيفية ومنها إلحاقهم بنظام التقاعد المناسب ومنحهم التأمين أو العلاج الطبي والسكن وغير ذلك من الحقوق. للأسف، جامعاتنا اعتادت التعاقد مع موظفين بوظائف مؤقتة تصل العام وأكثر دون منحهم هذه الحقوق، وأطالب وزارة العمل بالتدخل في هذا الشأن فالجامعات مثل غيرها من مؤسسات التوظيف.
رابعًا: آليات قياس الإنتاجية والحقوق الفكرية لهم كباحثين والتجديد لعقودهم لأكثر من عام. جميعها يجب أن تكون واضحة ومعلومة في عقودهم تجبناً لمشكلات المستقبل. لست افترض السوء ولكن هناك تجارب سيئة في جامعاتنا باستغلال بعض الأساتذة لمجهودات الباحثين وطلاب الدراسات العليا بدون في جانب النشر والتقدير الفكري.
خامسًا: التصنيف لمخرجات البرنامج. هل سيمنح الملتحق بالبرنامج شهادة خبرة أو شهادة زمالة باحث ما بعد الدكتوراه، وهل ستعترف جهات التوظيف بها أم لا؟
سادسًا: الانتقال لوظيفة عضو هيئة تدريس. المتوقع هو حصول المتميز في برنامج ما بعد الدكتوراه على وظيفة دائمة في المجال الأكاديمي، حالياً مدخلات السلك الأكاديمي هي الدكتوراه، فكيف ستحسب مرحلة ما بعد الدكتوراه؟ هل ستحسب خبرة لعضو هيئة التدريس؟ هل ستدخل أبحاث ما بعد الدكتوراه في ترقياته المستقبلية؟ وهل سيخل ذلك بآليات وعدالة الترقيات الأكاديمية وتساوي الفرص بين أستاذ عُيِّن بعد الدكتوراه مباشرة وآخر بعد تدريب ما بعد الدكتوراه...؟
سابعًا: هل ستتغير خارطة تعيين وتدرج وعمل أعضاء الهيئة بإدخال مفهوم مرحلة ما بعد الدكتوراه، كأن تصبح مطلبًا يسبق التعيين على وظيفة استاذ مساعد التدريس؟
أخيراً؛ أؤكد أهمية جميع الأسئلة وضرورة إجابتها بوضوح، متميناً أن لا يكون برنامج ما بعد الدكتوراه مجرد فكرة طارئة ومؤقتة هدفها امتصاص بعض فوائض المال المخصص للبحث العلمي والإسهام في تحسين قواعد المعلومات المتعلقة بالتصنيفات العالمية!