فهد بن جليد
رفضك أداء بعض المهام التي ليست من طبيعة عملك بأسلوب مُهذَّب ومُقنِع لرئيسك، أحد أهم أسباب التخلص من مشاعر التوتر والإجهاد وضغوط العمل، فلا تعتقد أنَّك تستطيع فعل كل شيء لا يوجد أحد يفعله، فهذا لن يجعلك ناجحاً في نظر رؤسائك، لأنَّك عندما تقول (لا) أستطيع لأول مرة، سيتم نسيان كل ما فعلته سابقاً وتعتبر مُتخاذلاً، إذا لم يكن ما تقوم به موثقاً وتأخذ مُقابله أجراً أو ميزة إضافية، أو على الأقل القيام به كمُبادرة ذاتية لمرة واحدة، المسألة ببساطة تكمن في تعلمنا قول (لا) بكل لطافة مُنذ الصغر، فهل نحن نُخطئ عندما نُربِّي أطفالنا على قول (نعم) لتلبية كل ما يُطلب منهم؟ ونلومهم عندما يرفضون القيام بعمل ما، دون تفهم ومعرفة أسباب رفضهم؟
شخصياً توقفت عن إجبار أطفالي على قول (نعم) على طول الخط، وتركت لهم حرية التعامل مع بعض المواقف وفق ما تتطلبه بكل تهذِّيب، لأنَّ لدي قناعة أنَّ مُعظم من دخلوا في مشاكل عملية أو حياتية كانت كلمة (نعم) طوال الوقت من أهم الأسباب، فمُحاولتهم إرضاء الجميع أفقدتهم مهنيتهم وذواتهم، وأضاعت عليهم أوقاتهم، وأدخلتهم في مواقف قانونية والتزامات مُزعجة، فقول (نعم) ورديفاتها (أبشر، تم، على خشمي، من عيوني، حاضر، تامر أمر.. إلخ) طوال الوقت ليست ميزة في هذا الزمن، بقدر ما هي استغلال من الآخرين لنا، والتزام بأعمال ومهام ومواقف وأعباء إضافية غير مُستحقة، لا تعتبر نفسك (أنانياً)، لأنَّك حتماً لن تتأخر في مد يد العون والمُساعدة قدر المُستطاع، كخلق ديني وتربية وثقافة، ولكن لا يجب أن تسقط في تبعات المُجاملة المقيتة نفسياً ومالياً وجسدياً على حساب نفسك وأسرتك ومهامك الرئيسة.
احذر الإجابة الرمادية (يسهل الله، بنشوف، على خير.. إلخ) تلك الإجابات تُدخلك في دوامة أخرى، فلا تقطع على نفسك وعداً أو التزاماً، وكن صريحاً في رفضك القيام بما طُلب منك مُنذ البداية، حتى يحترمك الناس و لا تخسرهم، فهم سيرضون لاحقاً ويتفهمون قدرتك، كلمة (لا) صعبة النطق في المرة الأولى، ولكنَّها في المرات القادمة ستكون جزءاً من (قوة شخصيتك، وراحة بالك)، فتعلَمها وعلِمها لطفلك حتى تُغلق باباً يتسلَّلُ منه عادة (الفضوليون، والاتكاليون) ليُنغِّصوا علينا حياتنا.
وعلى دروب الخير نلتقي.