د.ثريا العريض
لِمَن نعتذر؟
لأنفسنا؟
أم لقصر المرايا؟
أم لهذا الحصان الأصيل؟
لم يبق إلاّه يلهث في التيه
بعد المسار الطويل
أنهكَه قيدُه في الزوايا
وأربكَه ظلّه في المرايا
وما عاد يحتمل الانتظار.
وما ننتظر؟
توقف هذا الزمانُ
فلا هو ليلٌ ليتلوه صبح ٌ
ولا هو صبحٌ يبشّرُ طالعُه بالنهار
ولكنه زمنُ الانتظار
ومن ننتظر
ليطلقَنا من إسار المرايا؟
كل الذين بها يدخلون
ينسون أحلامهم وملامحهم
في انعكاساتها
يغيضون بين التماعاتها
يموتون دون احتضار.
لم يبق إلاّ الحصان الأصيل
وحيداً يقاومُ سحرَ المرايا
ويضرب حافره علّها تنكسر
فيفتح نافذة للفضاء الرحيب
تحاصره غصّة الاغتراب
لا هو ينسى و لا هو يجهل
كل مكان حللنا به كان فيه فضاء
وكل زمانٍ عرفناه مرّ.. صباحاً.. مساء
وهذا المكان بهذا الزمان انحصر
الحلم فيه هباء
والعدْو فيه محال
ونخشى عليه
نخشى على القلب أن ينفطر
تمادى به الشوق للعدْوِ
في زمن الانحصار
لا يهدأ القلب .. لا يستقر
يراوح بين الوجيبِ وبين النحيب
وبين السؤال
ولا يعتبر
لا الجرح يرضى بأن يتدارى
ولا الكلمات تطال
ولا حرفنا يستجيب
جموحاً -كما كان- لا يرتضي صيغة الاختزال
كالطفل أسئلة ينهمر:
كيف لقصرِ المرايا أتينا؟
أيُّ دوّامةٍ أدخلتنا إليه؟
وكيف استحال الطريق ممرّات تيه؟
ونحن انعكاساً بهذي المرايا انتهينا؟