رقية سليمان الهويريني
بين آن وآخر تفجعنا الأخبار بزواج طفلة قاصرة من رجل ثمانيني! وبرغم أن الموضوع تتداوله أروقة مجلس الشورى منذ سنوات إلا أنه لم يبت به حتى بعد صدور مدونة الأحكام القضائية التي يفترض أن تعالج مثل هذه القضايا من خلال المنظومات والآليات القانونية الإدارية المناسبة.
وفي كل مرة يقرع المجتمع طبوله رافضاً ومديناً وشاجباً، إلا أن ليس ثمة أدنى تفاؤل يلوح بالأفق ليحدث تغيراً وتطوراً وإنسانية حول هذا الأمر في وزارة العدل وما يتبعها من محاكم أو كتاب عدل أو مأذوني الزواج!.
وبحكم التخصص الاجتماعي واطلاعي عن كثب على مشاكل الناس وهمومهم، وملامستي لأوضاعهم الاجتماعية والأسرية فإن النتائج المترتبة على حالات الزواج بالإكراه أو زواج الصغيرات القاصرات من كبار السن وما يتمخض عنها من نتائج سيئة جداً، تعد كارثية مثل حالات هروب الزوجات الصغيرات وما يرافقها من انحراف أخلاقي، وكذلك حالات الانتحار من لدن الفتيات الصغيرات، إضافة إلى حالات القتل العمد للزوج، والتي باعثها نفاد صبر وانتظار ممل لحل مشكلة عالقة. إضافة إلى انتشار الحالات النفسية لدى الزوجات من ذهان واكتئاب وقلق وتوتر والتي مردها غالباً زواج فاشل من رجل كبير في السن، فضلاً عن حالات التفكك الأسري وضياع الأولاد بعد الانتحار أو القتل، وهي حالات أصبحت تطفو على السطح، ويتجاهلها المجتمع أو يعزوها لسوء الأخلاق فحسب، بينما أسبابها في الغالب زواج غير متكافئ نفسياً وعمرياً..!.
ولعل هيئة حقوق الإنسان والشئون الاجتماعية يمارسان ضغطاً على المسؤولين عن استمرار هذه المعضلة الاجتماعية بعد الدراسة العميقة للوضع، والحيلولة دون حدوث هذا النوع من الزواج؛ لتخفيف حالات القهر والاحتقان عند الفتيات فلا يجدن من يساندهن فيشعرن بالضعف وقلة الحيلة، وهو شعور بلا شك مرير.