سألني عندما قابلته أمام البوابة الرئيسة: هل يوجد رقم موحد للشكاوى في وزارة العدل؟
طبعا جاوبته بأني لا أعتقد ذلك، بل أجزم باستحالة وجود خط مباشر للشكاوى في ظل ما نشاهده من بعض مرافق الوزارة!!!
ومع يقيني بأنهم في «وزارة العدل» قد قاموا بتفعيل خدمة الشكاوى على موقع الوزارة على الإنترنت؛ إلا أن هذه الخدمة قد لا تؤدي الغرض المفترض منها مقارنة بخط الهاتف المباشر؛ خاصة أن شريحة كبيرة من المراجعين هم من كبار السن الذين لا يجيدون التعامل مع تقنية المواقع الإلكترونية.
أقول ذلك وأنا أشاهد نجاح تجربة وزارة الصحة في تفعيلها لرقم الشكاوى، وهو نجاح يحسب للقائمين على هذه الفكرة. وبالطبع لم يقض هذا الرقم على كل أنواع القصور، ولكن كل منصف لا بد أن يلاحظ أن الأمور تسير للأفضل مع وجود هذا الخط، وقد سمعنا عن الكثير من القياديين الصحيين الذين طلبوا إعفاء، أو تم إعفاؤهم من مناصبهم بتأثير مباشر من الشكاوى التي تُرفع عنهم من قبل المراجعين المستائين، وأيضا الكثير من مظاهر التسيب في المستشفيات بدأت تختفي؛ خاصة في الأماكن التي فيها مواجهة مباشرة مع الجمهور.
الذي يثير الاهتمام في هذا الجانب أن الإحصاءات التي تُنشر بهذا الخصوص تُثبت أن أغلب الشكاوى في وزارة الصحة كانت تتركز على أمور تافهة وسهلة المعالجة، كعدم وجود موظف، أو تعطل جهاز، أو حتى عدم توفر كراسي للجلوس!. وكل ذلك أصبح تلافيه حالياً أولوية في المستشفيات والمراكز؛ وهذا أمر جيد جداً لتحقيق الأهداف المعلنة لـ»لرؤية» من قبل حكومتنا الرشيدة.
لا أفهم إلى الآن لماذا وزارة العدل لم تفكر في أمر كهذا!! خاصة أن أنظمتها الإلكترونية هي أفضل أنظمة على مستوى الوزارات؛ وفي هذا دليل على وجود كوادر وقادة في هذه الوزارة على قدر كبير من النباهة والشعور بحس المسؤولية، ولهذا أستغرب عدم تفكيرهم في دراسة سبب عدم رضا كثير من الناس عن سير عمل المحاكم. وبسؤال بسيط توجهه لأي مراجع ستسمع إجابات شبه موحدة نستطيع حصرها في غياب موظف، أو تأخر بريد، أو إعطاء مواعيد بعيدة. وكل هذه الأمور من الممكن تلافيها بسهولة لو شعر الموظف أن الرقابة عليه ليست من زميله وصديقه في العمل؛ بل أن الرقابة ستكون بشكل مباشر من مقام الوزارة التي تمتلك صلاحيات وأدوات أوسع.
نجاح تجربة وزارة الصحة وبعض الوزارات الأخرى يحتم -كما أرى- على باقي الوزارات الخدمية أن تحذوا هذا الطريق الذي لا صعوبة فيه، وبإمكانيات غير مكلفة إذا ما قُورن بما يترتب عليه من فوائد جمة.
بقي أن أقول إن الرجل الذي قابلني عند باب المحكمة أخبرني أن معاملته من أسابيع متوقفة في مكتب مقفل لأن الموظف في إجازة ولا يوجد من ينوب عنه!!!
والله الموفق والمعين.