من أشد الأمور صعوبة على حياة المرء في هذه الحياة وما يؤثر على شخصيته سواء كان أثراً صالحاً أو أثراً سيئاً عندما يفقد أفراد المجتمع الثقة فيما بينهم لأنها من أهم الأمور على الإطلاق وما يعتريها من شدائد كوارث تختلف ضعفاً وقوة على مر الأيَّام والسِّنين، فتاريخ المرء مملوء بشتى العوائق القابلة للطفرة صعوداً وهبوطاً علواً وانحطاطاً فإن فقدان الثقة تجعل أفراد الأمَّة فرداً والثقة تجعل الفرد أمة وتصور أن المرء عندما يفقد الثقة بنفسه فقد فقد نفسه؟ فلا يستطيع الكاتب أن يكون كاتباً مجيداً ولا الشاعر أن يكون شاعراً متفوقاً ولا العالم يجيد علمه ولا الصانع يجيد صناعته وكل ما ترى من أغراض الفشل في أمة من الأمم سببها فقدان الثقة فالإدارة يوماً تنهار ويفقد الأعضاء ثقتهم ببعض واعتقدوا أنهم لا يحسنون صنعاً ولا يجيدون عملاً وكم من الكفاءات المتميزة ضاعت بسبب فقدان الثقة بين الرئيس والمرؤوس فعندما يفقد الزوج الثقة بزوجته وكذلك الزوجة تفقد الثقة بزوجها كيف تكون حياتهما تكون في نزاع دائم وسوء ظن متبادل وانتظار للزمن ليتم الخراب والدمار وليس الأمر مقصوراً على قطاعات معينة، فالمراجعون ومراجعو المراجعين تمر المعاملات من يد إلى يد ومن قلم إلى قلم ومن دائرة إلى دائرة كل ذلك له أسباب ومسببات أهمها (فقدان الثقة) فهناك عقول نابغة بين أفراد الأمة تفكر ثم تفكر وتقدر ثم تقدر وتطور ثم تطور وتضع الخطط تلو الخطط والقوانين تلو القوانين واللوائح تلو اللوائح، ويخيل أنها تعالج ما فسد وتصلح ما اختل وهي بتلك الطريقة تزيد بذلك في (فقدان الثقة) وهذا هو سر ما نراه من بطء في سير العمل وركود في الحركة وضياع لمصالح الناس إذ لا شيء يبعث الثقة في المرؤوس مثل أن يثق به الرئيس ولا شيء يبعث الحيرة والارتباك والاضطراب إلا ما يشعر به من (فقدان الثقة)، وهكذا الشأن في جميع الأمور السياسية والاجتماعية فثقة أفراد المجتمع ببعضهم البعض أضمن للنجاح وأقرب لتحقيق الغرض وثقة الإدارة برئيسها والرئيس بأعضائه -ولو تصنعنا أقرب لأن ينقلب التصنع خلقاً وقد شاهدنا- أن التثاؤب يبعث التثاؤب والضحك يبعث الضحك فكذلك الثقة تبعث الثقة.
والله الموفق والمعين.
** **
- الرياض