* مجموعة قصصية في (160) صفحة من القطع المتوسط للأديبة القاصة زينب الهذال، اشتملت على سبع قصص تتفاوت طولا وقصرا وجاءت على الترتيب الآتي:- انهيار جبل جليدي ساخن – أميرتي النائمة – هناك من له رأي آخر – بعض الأحلام ثمنها باهظ – من دنيا الأكابر – حرب باردة – العاطفة بمقياس مختلف، وجملة المجموعة التي بين أيدينا تنتمي إلى الأدب النسوي على اختلاف تعاريفه ومفاهيمه باعتباره الأدب الذي تكتبه المرأة أوالذي يكون موضوعه المرأة، سواء أبدعه رجل أو امرأة (انظر: «النقد النسوي الأدبي وخصائصه وأهدافه «دراسة للدكتور حلمي محمد القاعود – العدد (66) – مجلة الأدب الإسلامي).
* والمجموعة القصصية «هي من اتخذ القرار» هي المجموعة القصصية الأولى للأديبة العربية السعودية زينب الهذال ، صدرت عن دار الفكر العربي للنشر والتوزيع بالدمام في المملكة العربية السعودية عام 1430 هـ، وجملة القصص في المجموعة تعكس الوفاء الشديد للأم وتبين تأثيرها الكبير والخطير في التربية بعامة وتوجيه البنات بخاصة، وقد صدرتها بإهداء له دلاته في توجه الكاتبة للانتصار للأمومة الوفية وإبراز شخصية الأم الحكيمة في اتخاذ قرارها الحكيم في مواجهة الأزمات في توازن دقيق بين سلطان العقل وقوة العاطفة وهي تنتصر لعفاف المرأة بعامة والمرأة المحصنة بخاصة، و تعالج فكرتها وموضوع قصصها متسلحة بالثقافة العلمية والطب النفسي والدراسات الاجتماعية التي هي مجال دراستها وتخصصها العلمي والوظيفي، فضلا عن إفادتها بتجارييها في المجال الإعلامي الذي تتعاطاه وتعالج ألوانا من فنونه ومهاراته.
- وتتابع الأحداث في المجموعة كلها في سلاسة منطقية ومهارة فائقة في رسم ملامح الشخصية المحورية النامية المتطورة والشخصية الثانوية والتي قد لاتظهر حية ناطقة، كما عكست قصتها التي صدرت بها المجموعة «انهيار جبل جليدي ساخن» ونذكر لها عند انتصارها للعفاف الاكتفاء بمجرد الإشارة إلى عشيقات الزوج (مساعد) في نفس القصة.
* وقد صاغت أديبتنا فكرة قصص المجموعة بمختلف وسائل السرد من الحوار المتبادل والحوار الداخلي والوصف بأسلوب أدبي جميل وعبارة مشرقة من مثل: «أحست أنها غير مستعدة لفراق عصافير قلبها» ص (43)، وقد لفتني في معالجة الكاتبة الطرح الجريء والعفيف لموضوع الخيانة الزوجية ...... كل ذلك يستمد مفتاحه من إهداء أديبتنا الذي صدرت به مجموعتها القصصية حين قالت تخاطب أمها: «إلى صخرتي ... إلى مدرستي الخاصة في الحياة – إلى .....أمي»، كما ختمتها بإلماحة شاعرية في لوحة مرسومة بالكلمات المعبرة عن وضاءة الفكرة وإشراقة العاطفة.
- وتتمثل العناصر الفنية في البناء القصصي للمجموعة في تتابع الأحداث وتشابكها وصولا إلى العقدة والانفراجة في حوار الزوجين، وقد تعقدت المشكلة بتصاعد الأحداث في قصتها الأولى «انهيار جبل جليدي ساخن» وأتت بحل مشكلتها في حوار الزوجة مع الطبيبة النفسية حين قالت لها الطبيبة: «خذي نصيحتي، لاتتخذي أي قرار دون أن تفكري جيدا فيه واعلمي أنك تحددين شكل حياتك وحياة أولادك مستقبلا، وأنا أثق بقدرتك على اتخاذ القرار الصائب؛ لأن تصرفك اتسم بالحكمة ،فأنت لم تفتعلي فضيحة مع زوجك، واتخذت قرارا جيدا بعدم إخبار أحد من أقاربك بما حدث ... » ص:22, ولعل العبارة السابقة تقدم الدرس المستفاد من القصة أو خلاصة ماترمي إليه أديبتنا زينب الهذال في قصتها الأولى، ويبدو أنها القصة الأثيرة لدى أديبتنا ؛ ولذا صدرت بها مجموعتها القصصية التي بين أيدينا.
* وفي جملة قصص المجموعة نلحظ المرأة التي هي بطل القصة التي تتجه دائما إلى استقرار الأسرة واعتماد الحكمة في معالجة مشكلاتها وصولا إلى الحياة الأسرية المطمئنة ، ولقد مهرت الكاتبة في اختيار الأسماء المناسبة لشخوصها واستمداد موضوعاتها من البيئة السعودية وانعكاس آثار المتغيرات الاجتماعية في المرحلة النفطية، وما تبعه من طفرة اقتصادية واتجاه بعض المواطنين إلى التجارة والمشاريع الاستثمارية والاتجاه إلى الاستمتاع بالحياة، وبقاء الشريحة الأوسع في إطار الثقافة الملتزمة بتعاليم الإسلام والمحافظة على التقاليد والارتكاز على المرجعية الإسلامية للدولة والمجتمع، وقد رصدت ذلك الأديبة الناقدة الدكتورة جليلة بنت إبراهيم الماجد حين قالت: «ولقد أضحت القصة القصيرة من أقدر الأجناس الأدبية على رصد التحولات الكبيرة في حياة الناس وتصوير المجتمعات في لحظات مواجهتها مشكلات الحياة ، ولذلك ارتبطت أحداثها وقضاياها بالبيئة فيما يتعلق بهموم الإنسان المعاصر وقيمه وتطلعاته». (انظر كتاب الدكتورة جليلة بنت إبراهيم الماجد « البيئة في القصة السعودية «- الطبعة الأولى من إصدارات نادي الأحساء الأدبي ص: -6- الطبعة الأولى 1430 هـ -2009 م).
-وتعكس لنا المجموعة القصصية لأديبتنا زينب الهذال صورة المرأة القوية القادرة على اتخاذ القرار، ولكن يبقى انتصار كاتبتنا لأنوثة المرأة وجنوحها دائما لتغليب الحكمة والعودة إلى الرشد وإيثار الحفاظ على مؤسسة الأسرة في حل الخلافات الزوجية، ولم تنتصر قط للمرأة (الرجل) أو المستر جلة، كما عكست المجموعة ثقافة الكاتبة الواسعة بأحوال المرأة والمجتمع ومحورية دورها في التربية والنهضة وتقدم الحياة وازدهارها، وهي تترجم بذلك عن قول شاعر النيل حافظ إبراهيم: الأم مدرسة إذا أعددتها - أعددت شعبا طيب الأعراق.
-ولا يخفى على قارئ المجموعة بيان مهارة الكاتبة وقدرتها على تحليل المشكلة من خلال الحوار والانتصار لأسلوب التحليل المنطقي عند تأزم المواقف والانتصار للحكمة والعقل الرشيد في الوصول للحل.
* ويبقى التنبيه إلى بعض الأخطاء الطباعية واللغوية ، والتي جاء بعضها سهوا، ومن تلك الأخطاء : (لِمَا) بكسر اللام وفتح الميم ومدها بالألف بدلا من ( لِمَ ) في السطر (3) من أسفل ص 17 – استخدام همزة القطع بدلا من همزة الوصل مع فعل الأمر الثلاثي (وأعلمي) بدلا من (واعلمي) في السطر (9) ص 22 – والخطأ النحوي «كان أبيها» والصواب: «كان أبوها «في السطر الأول ص: 43 – «وهذا الكلام موجها لأخيك» والصواب: «موجهُ» الفقرة 5 ص 10 السطرين (3-4 ) – وفي الصفحة (28): «لاتجيب» والصواب «لاتجبْ» – وكلمة «حقيقيا» ص: (35) السطر قبل الأخير والصواب: «حقيقيُ» – وفي ص: (93): «أو ليس هذا ماأردتي» والصواب «ماأردتِ» بالتاء المكسورة ؛ لأن تاء الفاعل للمخاطب المؤنث ضمير مبني على الكسر، وشبيهه ص: (95 ) السطر (3): «ومن الجيد أنك أخبرتي» والصواب: «أخبرتِ» – وفي ص: (109) السطر (3) «لم أرى» والصواب «لم أرَ» بحذف حرف العلة وفي ص:(245) «يرجون أبنائهم» والصواب «أبناءهم» - في ص: (155) «أنتي» والصواب «أنتِ»، وكذلك «وأحسنتي» والصواب «أحسنتِ» بحذف الياء .....
* وتبقى أديبتنا زينب الهذال أديبة قاصة متميزة تعالج قضايا ومشكلات المجتمع، وقد أفادت من دراستها الاجتماعية والمنهج النفسي في معالجة قصصها، وهي مؤملة للمزيد من العطاء البديع في الحقلين الأدبي والإعلامي بتفكير حر وجريء ومتعقل، وتمضي إلى ساحة الأدبي السعودي مع من سبقها من الأديبات من أمثال: بهية بوسبيت وقملشة العليان وحليمة مظفر وسلطانة السديري وهيفاء اليافي وبدرية البشر وكثيرات غيرهن أديبات وكاتبات سعوديات ممن تزدان بهن أعمدة الصحف والدوريات وجديد الإصدارات إلى أرفف المكتبات.
** **
عبد اللطيف الجوهري - كاتب أديب وتربوي مصري
ص . ب 22 بريد سيدي جابر 21311 - الإسكندرية - مصر
Alkatib14@yahoo.com