هالة الناصر
يظل المسعى الرئيسي للتقدم التكنولوجي في العالم هو خدمة البشرية وتوفير الرفاه، إلا أن ذلك لم يمنع من سوء استخدامها بأشكال شتى، تصل فيها أضرار التكنولوجيا في بعض الأحيان حدًّا يفوق منافعها ويجعلها خطرًا يهدد تماسك المجتمعات.
وليس أدل على ذلك من سوء استخدام تقنيات التصوير التي باتت منتشرة بشكل غير مسبوق وسهولة تحميل ما يتم تصويره عبر مواقع التواصل ليشاهده الملايين خلال دقائق، حيث باتت هذه التقنيات في أيدي بعض الجاهلين بخطورتها بمثابة سلاح خطير قد يسبب أضرارًا يصعب السيطرة عليها غالبا، واقعة قيام أحدهم بالتسلل إلى مشرحة جامعة الملك المؤسس بجدة وقيامه بتصوير الجثامين داخل المشرحة ونشرها على حساباته الاجتماعية، حلقة جديدة في أزمة إساءة استخدام التصوير وعدم الوعي بخطورتها، فبعدما كان البعض يتعمد اقتحام خصوصية الأحياء بكاميرات الهواتف، وصلنا حاليا إلى مرحلة اقتحام خصوصية الأموات وانتهاك حرمتهم، في جهل واضح وعدم إدراك بأمر الشرع الذي أمر بتكريم الموتى، ما ينذر بأن هذه الظاهرة في انحدار شديد نحو مزيد من التعقيد.
تفاصيل الواقعة تدق ناقوس الخطر حول الأفكار التي تتسرب إلى عقول الشباب، واقعة سابقة كشفت أيضًا إلى أي مدى يمكن أن يتضرر التماسك المجتمعي نتيجة سوء استخدام التصوير، عندما ظهر وافد باكستاني في مقطع فيديو وهو يهدد أحد المواطنين، حيث أثار الفيديو موجة غضب عارمة في الأوساط السعودية وجدلاً كبيرًا حول سلوكيات بعض أفراد الجاليات في المملكة، قبل أن نكتشف أن الوافد ليس إلا مواطن سعودي كان يمزح مع صديقه في فيديو ساخر! إن انتشار هذه الظاهرة بهذا الشكل المثير للقلق يستدعي أن نتحرك جميعًا على مختلف المستويات لإطلاق عدد من المبادرات التوعوية لتنبيه الشباب إلى خطورة إساءة استخدام التصوير ومواقع التواصل الاجتماعي وضرورة ترشيد هذا الاستخدام وتوجيهه إلى ما ينفع المجتمع ويساعد على تماسكه وليس العكس، ويجب أن يدرك كل شخص يستخدم منصات التواصل الاجتماعي بأنه صحفي تحت طائلة القانون في كل ما يخرج من جهازه الذكي بعيدا عن أي مبررات وأعذار لا تسمن ولا تغني من جوع عند وقوع المحظور!