أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري
قال أبو عبدالرحمن: أثار أحبائي -جزاهم الله عني خيراً- بل أبكاهم شعوري بتوديعي حياتي الدنيا، وفرحي بقرب لقاء ربي بعد أن عشت عُمراً مديداً -بفضل الله- ينيف على أربعة وثمانين عاماً وبضعة أشهر.
قال أبو عبدالرحمن: ولقد جاء في كلام (آل فايع) الآهة (وهي قارة بالسماوة دُفِنَ فيها كما يقول في قصيدته) [الأصح: كما قال:]؛ وهناك (يزيد بن خِراق، أو ابن حذاق الشنِّي)؛ وهو شاعر جاهلي يقال إنه أول من بكى على نفسه، وذكر الموت في شعره؛ ومطلع قصيدته:
هل للفتى من بنات الدهر من واقٍ
أم هل له من حمام الموت من راقٍ
ثم يصف [؛ الصحيح: ثم وصف] ما حدث له عندما لفظ أنفاسه:
قد رجَّلوني وما بالشعر من شعث
وألبسوني ثياباً غير أخلاق
وطيبوني وقالوا أيما رجُل
وأدرجوني كأني طي مخراق
وأرسلوا فِتيةً من خيرهم حَسباً
ليُسندوا في ضريح القبر أطباقي
وقسَّموا المال وأرْفَضت عوائدهم
وقال قائلهم مات ابن خراق
ثم أرسل حكمة في آخر قصيدته؛ وهي قوله:
هَوِّن عليك ولا تَوَلَّع بإشفاق
فإنما مالنا للوارث الباقي
قال أبو عبدالرحمن: (أيُّما رجُل): فهي مدح له بمعنى (حسبك به من رجل؛ ورثاء النفس حقيقةً ما بلَّغ به عبدالله ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - أمةَ الإسلام مثل: اللهم احفظني بالإسلام قائماً، واحفظني بالإسلام قاعداً، واحفظني بالإسلام راقداً، ولا تُشمت بي عدواً ولا حاسداً.. اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك.. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، وأبصارنا، وقواتنا أبداً ما أحييتنا، واجعلهن الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا غاية قصدنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا.. اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي، وجدي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي.. اللهم لك أسلمنا، وبك آمننا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا.. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون.. اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداةً مهتدين.. وضميرُ المفرد، أو ضمير الجمع يكون حسب الواقع إن كنت وحيداً، أو كان معك أحد.. و(الشنِّي العَبسي) من بني شنّ بن أفْضَى بن عبد[ربِّ] القيس؛ شاعر جاهلي قديم؛ وهو أول من بكى نفسه.. انظر كتاب (معجم الشعراء 481 (والمفضليات للضبي 78-79، وطبقات فحول الشعراء 75.. وغير ذلك؛ وكلمة : الشَّن بمعنى الجذر، شنن، الوزن على وزن فَعْل، والشَّنُ السقاء البالي، وشَنُ: حي من عبد[رب] القيس، وفي المثل: (وافق شَنٌ طبقة).. قيل: بنو شن كانوا يكثرون الغارات حتى أغاروا على طبقة؛ وهم حي من إياد؛ فهزمتهم (طبقة)؛ فضُرب بهم المثل فقيل: وافق شن طبقة.. وقيل: شن رجل من دُهاة اعرب تزوج امرأة ذات دهاء فقيل: (وافق شن طبقة)؛ وسئل الأصمعي عن هذا المثل فقال: أظن الشن وعاء من أدم اتخذ له غطاء وهو الطبق فوافقه، فقيل: وافق شن طبقه. فإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، والله المستعان.