ميسون أبو بكر
يأتيك صوت ماجدة الرومي كهديل الحمام الذي تنعشه قطرات الماء على حافة جدول فينتشي طربًا ويسعد من حوله، يهز صوتها ذاكرتك حيث هناك على منصة للذكرى تقف بنقاء سريرتها وصوتها وأصالة المدرسة الفنية التي تنتمي إليها لتطرب متابعيها بلحن لا يعرف النشاز وكلمات ترتقي بالذائقة، فماجدة الرومي ظاهرة غنائية لا يشبهها أحد، فنانة بكل ما تحمل الكلمة من معطيات لذلك لها حضورها ولها طابعها.
كنت حضرت لماجدة الرومي حفلة في مهرجان جرش وأخرى في لبنان لكن أن أكون بحضرتها في أحضان العلا التاريخية كان ألقًا مضاعفًا وسحرًا لم أقو على مقاومته، فحين ارتفعت الستائر خلفها في المسرح الزجاجي المكسو بالمرايا والمشغول بطريقة فريدة ظهرت جبال العلا الشاهدة على تاريخ المكان وارتعشت روحي كعصفور بلله المطر وأصبحت أشدو بما بدأت به من كلمات طوقت بها وطني المملكة العربية السعودية، كانت بداية أجمل من الشعر وأحلى من كل الألحان التي استمعت إليها يوما، فقد كانت ارتجافة صوتها كناي يحمل كلماتها إلى آخر نقطة في الوعي ويأخذنا أبعد من موطئ أقدامنا..
«أتمنى أن تبقى المملكة عاصمة للخير، دارها دار العز، وسيوفها سيوف النصر، نخيلها مراوح الزمن، وأن تبقى المملكة الأبية.. البهية.. العربية العزيزة على قلوبنا جميعا، ويدوم عزها»
للمكان رهبة جعلت الفنانة ماجدة الرومي تتمنى لو أنها عصفورٌ يطير إلى حضن لبنان، وسرعان ما ذهبت الرهبة وشدا المكان بقصائد حفظناها عن ظهر قلب، عبرت بها الزمان إلى واقع المدينة التاريخ التي تشهد اللحظة لعراب الرؤية الأمير محمد بن سلمان الذي حول الحلم إلى واقع والمستحيل إلى ممكن، عبر جهود وخطط الهيئة الملكية للعلا التي يرأسها سموه والتي نظمت للزائرين من قادة لبنان في السياسة والفكر والفن زيارة للمواقع التاريخية في العلا الحافلة بحضارات مرت وتركت أثرها منقوشة على الجبال وحاضرة في كل ركن وشاهد.
سلام.. سلام للمدينة التاريخ، لحضارة الأنباط، لديدان واللحيانيين، للنخلات والجبال التي في أحضانها البيوت التي سكنها الناس أحياء ثم بقي لأرواحهم سلالم تصعد بها للسماء، للطنطورة التي هي ساعة مواسم الحصاد، لخريبة وجبن عكمة والمابيات ومدائن صالح، لصوت ماجدة يتردد صداه حتى اللحظة.