خالد الربيعان
سأتكلم معك عزيزي القارئ بموضوعية واختصار، في ثقافة الكرة العربية -الغالب- أن النادي عندما يريد التعاقد مع نجم: يختار اسم اللاعب، وإنه نجم سوبر، وأن ينتج فوراً! في نفس الموسم، يحرز أهدافًا كثيرة، من أجل دق خشوم المنافسين! وإسكات مشجعيه، وأن تقوم الحفلات والأفراح والليالي المِلاح بعد كل مباراة بطلها الهداف السوبر الجديد!
فماذا عن الصواب؟ عن المفروض عما تفعله الأندية العالمية الكبرى؟ بل والمتوسطة والصغرى! إنهم يضعون «خطة» و»إستراتيجية لتجارة اللاعبين»، تحقق أهدافًا على المدى القريب، وأخرى على المدى البعيد، والهدف النهائي هو «مصلحة النادي» فقط، ولا يكون هناك أي اعتبار آخر، سواء إغاظة المنافسين أو تحقيق لقب أو اثنين ثم: لا نعرف كيف نتصرف فيما بعد!
مثال، يطبق تشيلسي الإنجليزي خطة عجيبة: وهي مزرعة اللاعبين الكشافين، يغطون دوريات العالم بطول الخريطة وعرضها، يتعاقدون مع مواهب واعدة صغيرة، أو لاعب في بداية طريق الشهرة وما زال تحت سقف مالي معين يدفعه تشيلسي بسهولة، ثم بعد سنة أو أكثر يبيعونه بمقدار مالي أكبر، إن لم يستفيدوا منه فنياً بشكل يتفق مع هوية النادي الملعب، وتكلمنا عن الهوية الخاصة بكل نادٍ كبير، وفي تشيلسي الهوية هي الدفاع المحكم والضغط العالي والالتحام البدني والاختراق حتى يتم التهديف!
مزرعة تشيلسي أفردت عنها الصحافة الإنجليزية تقارير ممتعة، الموسم الماضي 2017 تم حساب ما ربحه النادي في خمس سنوات سابقة من هذه الإستراتيجية، أكثر من لاعب تم جلبه تحت مسمى «المزرعة»، منهم سولانكي لاعب ليفربول، ولوكاكو الذي تم بيعه لإيفرتون وأربح تشيلسي 18 مليون باوند، دي بروين نجم بلجيكا ومانشستر سيتي، اشتروه بـ 3 ملايين وباعوه لفولفسبورج الألماني بـ11 مليونًا، تورجان هازارد شقيق إيدن هازارد جلبوه بدون مقابل وباعوه بـ 6.5 ملايين!
كانت الحصيلة نتيجة هذه الخطة 20 لاعبًا في خمس سنوات، ظهروا بالقميص الأزرق في 126 مباراة، تم بيعهم مرة أخرى، الربح الصافي منهم 107 ملايين جنيه إسترليني!، أما في موسم 2018 الذي تم إعلان أرقامه المالية قبل أيام، فقد حقق تشيلسي أكبر رقم مداخيل في تاريخه! 443 مليون باوند! وكان أكبر بند فيه زيادة عن الموسم الذي قبله هو بند انتقالات وصفقات اللاعبين، بنسبة زيادة 22 بالمائة، وحقق فيه أرباح 113 مليون باوند، وهو رقم أكبر من حصيلة تجارة النادي في اللاعبين في الخمس سنوات الماضية بكاملها!
المفتاح !
إذن كل شيء يدار بعقل، وخطة، بغض النظر عمن في الإدارة التنفيذية، هناك ميثاق وبنود معينة يتم السير عليها بطريقة ممنهجة، وإذا نظرنا لغالبية الأندية العالمية سنجدها تقوم بهذا الأمر، أياكس الهولندي وبرشلونة الإسباني وريال مدريد، يعتمدون على الأكاديمية توفيراً لمجهود الكشافين، وضماناً أن يكون الناشئ متشربًا لفلسفة وهوية النادي، وهناك أندية محترفة تجارة واستكشاف المواهب مثل بورتو البرتغالي، وأودينيزي الإيطالي الذي أفردت له مقالاً كاملاً عنه وعن رئيسه «بوزو»!
الخلاصة أن التعاقد مع لاعبين سوبر بأسماء كبيرة، ومبالغ «خرافية» للأسف، هي فلسفة وطريقة أرى أنها «شيئًا لا بد منه» شئنا أم أبينا، ولكن يجب أن يكون معها ما يحقق التوازن، ويعدل الكفة، ويخدم مستقبل الأندية السعودية، وهو الكشافون، والنظرة الثاقبة «الثعلبية» التي ترى مستقبل اللاعب المراهق والناشئ قبل أن تمر السنوات عليه في صفوف أندية أخرى.. وبالطبع لا ننسى أن أكاديمية ناشئين في كل نادٍ سعودي.. هي المفتاح للمستقبل!