شريفة الشملان
نحن المتقاعدين، من تركنا كراسي العمل لكراسي الأمل، وللبحث عن حكمة الكبر والتبصر بعد أن أسسنا وعملنا فوجدتم - أعني من هم على مقاعد العمل من الموظفين - مكانًا لكم، نحييكم، ونشد أزركم، ونرجو لكم زيادة في الرتب والراتب.
نجد لدينا فسحًا كثيرة من الفراغ، وكل يملؤها حسبما يراه مناسبًا لوقته وعمره، البعض يقرأ كتبًا أجّل قراءتها، والبعض يمارس هواية كم تمنى ممارستها، وقد يسافر لبلدان لم يسمح له وقته ولا زمنه أثناء العمل بالسفر لها..
منذ أن هبَّ علينا الغلاء، وهو بالمناسبة على الجميع، كبارًا وصغارًا، من عمل وتقاعد، ومن هو على رأس العمل، ومن تتقطع به السبل باحثًا عن عمل، كلنا مواطنون، ونعيش في وطن واحد، والغلاء على الكل، ولم يعف منها لا صغير ولا كبير، ويشمل الغلاء الطعام والشراب، ناهيك عن استهلاك الماء والكهرباء.. نعم جميل أن يكون هناك أسعار معقولة لهذا الاستهلاك، كي يعرف الجميع الحرص، وعدم تبديد هذه الطاقة.
لكن لا أدري كيف تفتق ذهن الاقتصاديين المستشارين الذين قدموا رأيهم ومشورتهم بأن المتقاعد لا يحتاج إلا نصف ما يحتاجه الموظف الذي على رأس العمل، وكان سيعيش لنفسه فقط، وأنه يكفيه القليل..
دعوني أحدثكم عن بيوتنا نحن المتقاعدين، هو البيت الكبير (واللمّة) فيه.. كل يمر علينا، فالكبار كما يقال بركة. لدينا أحفاد نحتاج أن نجدهم بالقرب منا، نفرح بهم ونفرحهم بهدية نجاح أو مناسبات أخرى أيام ميلادهم وأيام الأعياد، فالعيد في بيت الأجداد والمناسبات تعقد في بيت الأجداد، فصلة الرحم الموجودة في ديننا وأخلاقنا تتجمع في بيوتنا..
نحن أيضًا نحب أن نعيش ونتنفس بحرية، نسافر، ونجلس في مقاهي، ونشتري كتبًا ونقرأ. نقابل بشرًا، ونتمتع بما حُرمنا منه أثناء العمل ودراسة الأبناء..
المتقاعدون لم يكن مسموحًا لهم إيجاد فرص عمل أخرى مع عملهم الحكومي، أغلبنا لم يلعب الحظ معه، كما لعب مع غيره في لعبة الأسهم، أو لعبة البيع والشراء، والتكسب في الأراضي البيضاء، أخلصنا للعمل وللقرارات الحكومية. لذا عندما هبَّ الغلاء هبَّ على الجميع ولم يستثن أحدًا..
نحن مواطنون، وقد كنا في وقت التأسيس، وخاصة نحن النساء، إذا نالنا الكثير من التعب والإحباطات أحيانًا كثيرة، فلا ننسى أننا كنا محرومات من الوظائف العليا، وبالتالي لم يحق لنا ما حقق لزملائنا الرجال، وأقصى ما كنا نصل له المرتبة الثالثة عشرة، مدير عام.
ممنوعات من القيادة، وبذا كنا نخسر للوصول للعمل، لا ننسى أننا كنا محرومات من الانتداب الخارجي، وكان أغلب الرجال يأخذون جهدنا من بحوث ودراسات، وينتدبون ليتكلموا بما تعبنا وعملنا عليه.. وبالتالي لم يكن دخلنا بالدخل الذي يمكن توفير الكثير منه. ناهيك أننا رجالاً ونساء تذهب كل العلاوات عنا بعد التقاعد ونخرج بنسبة الراتب الأصلي فقط مما يجعل راتب تقاعدنا بالكاد يكفي المتطلبات الحياتية.
لابد من التفكير بمنحنا كما يمنح المواطن الموظف.. والتفكير جديًا أننا نستحق الإكرام.
كل عام ووطننا بخير، ووطن الخير يكرِّم كبارًا راحت عنهم هالة العمل، ويعوضهم بعيش كريم..
ولكم مني أجمل الأمنيات بعام جديد سعيد.