د. محمد بن إبراهيم الملحم
مع انقضاء فترة عمل معالي الوزير السابق الدكتور أحمد العيسى نقدم له الشكر الجزيل على جهوده واجتهاده، ومهما يكن من أمر إنجازات أي وزير وإن لم ترقَ إلى تطلعاتنا أو تتواءم مع رؤانا أو اتهمناها بالسطحية (من وجهة نظرنا)، أو حتى كانت مخالفة لما نذهب إليه في نظرتنا للأمور، إلا أننا كمراقبين ينبغي لنا أن نتفهَّم مستوى تعقيد المهمة القيادية لمجال صعب ومتشابك مثل التعليم، خاصة في ظل قلة القيادات المؤهلة وذات الخبرة العميقة التي تساند الوزير، مع تعدد المشكلات وتكريس ثقافات عمل خاطئة تراكمت عبر السنين، لتمثل جبلا ضخما من العوائق تحتاج إزالة بعضها جيلا أو أكثر، وفي ظل تحديات صعبة إعلامية وفنية وفكرية وتقنية وبيروقراطية، كل ذلك تتراجع أمامه الكثير من النتاجات التي بُذل فيها جهد كبير وعقدت عليها آمال عريضة، ولذا يصعب إبرازها أمام المشكلات العالقة والقضايا الكبرى والغايات الاستراتيجية، ومن هنا لابد لنا ولكل مستفيد من الخدمة التعليمية أن نقدم لمعاليه جزيل الشكر على ما قام به وعلى جهوده التي لا يخالجنا الشك أنها تستهدف إحداث فرق وإيجاد منفعة وتحقيق المصلحة العامة والمساهمة في نمو العملية التعليمية كركيزة من ركائز الازدهار الوطني سواء تحقق ذلك بدرجة كافية أو لم يتحقق، فمكابدة مشاق هذا المنصب والتي لا يدركها كل أحد كافية لإيجاب هذا الشكر على الجميع. معالي الوزير الجديد الدكتور حمد آل شيخ هو ابن الوزارة ونائبها السابق لتعليم البنين، ومع أنه لم يتدرج في حضن الوزارة (كما يأمله كثيرون لوزير التعليم)، فقد جاء للوزارة من الجامعة، إلا أن المدة التي قضاها في الوزارة في تلك الفترة الانتقالية بين وزارتين مختلفتين في التصور والأسلوب، ومعاصرته لنشأة شركة تطوير التعليم القابضة وأولى منتجاتها شركتي تطوير التعليمية وتطوير للنقل فمن شأن ذلك كله أن يعطيه رصيدا محترما من الخبرة والدراية بأسلوب الوزارة ومشكلاتها، ويجعله قادرا أكثر من غيره على التحرك فورا في العمل التطويري، حيث تختصر عليه خبرته الكثير من الوقت الذي يحتاجه غيره للتعرف على الوزارة وعملها وأشخاصها وعاداتها الإدارية وثقافة العمل فيها، كما أن إدراكه ولمسه لكثير من البرامج والمبادرات السابقة وكيف تفاعل المجتمع التعليمي معها يجعله قادرا على التنبؤ الصحيح لمستقبل مبادراته هو وفريقه لتطوير العملية التعليمية وإدارتها، ويساعده هذا بدون شك على إصدار اإحكام السليمة نحو ما يقدم له وما يطمح هو إليه من توجهات، بل ربما تمتد يده إلى بعض ما هو موجود لإصلاحه وتطويره بطريقة أفضل بروح متابعة ما سبق مع التحديث والارتقاء. معالي الدكتور حمد شخصية مفكرة وصاحب رؤية كما عرفته، وإن لم يطل عهدي به، ولكن من متابعاتي لأطروحاته الجريئة والعميقة وما يملكه من رؤية اقتصادية تنموية بحكم تخصصه ينتهي بي وغيري إلى الحكم على هذا المزيج من العوامل الناجحة بأنها خلطة نجاح بكل تفاؤل وطموح للأفضل -بإذن الله-.
الآمال كبيرة وعريضة ودائما يأمل المجتمع التعليمي الكثير في أي شخصية قيادية تفد إلى مناصب القيادة في الوزارة، راجين أن يلمسوا شيئا مميزا يرتقي بتعليم أبنائهم ويرتقي بهم هم كممارسين للمهنة، ويساعدهم على الوقوف جنبا إلى جنب مع زملائهم «عالميا» في المهنة ليقولوا لهم عندنا مثل ما عندكم وأداؤنا لا يقل عن أدائكم، هذه العبارات قالها أطباؤنا السعوديون وباحثونا في مختبرات الغرب، وكذلك مهندسونا في شركاتنا العالمية باختراعاتهم وأدائهم المميز في مهنتهم وتشغيل أصعب المصانع وأعقدها، فلماذا يعجز عنها أصحاب مهنة أقل من هذه المهن: معلمونا ! أظن أن معالي وزيرنا الجديد سيتصدى لذلك ويجعله أولوية.