فضل بن سعد البوعينين
منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 والجهود موجهة نحو تعزيز الإيرادات غير النفطية، وبما يساعد على تحقيق الاستدامة المالية، والحد من الاعتماد الكلي على الإيرادات النفطية المتغيرة. وبالرغم من وضوح الرؤية، واعتمادها على هدف تنويع مصادر الاقتصاد كقاعدة لتنويع مصادر الدخل، إلا أن تنافس الوزراء في تقديم مبادرات معززة للإيرادات المالية بمعزل عن انعكاساتها الاقتصادية أحدث تأثيرًا على الاقتصاد الكلي، وأثر سلبًا على قرارات المستثمرين وقطاع الأعمال.
من الطبيعي أن تُحدث الإصلاحات العميقة انعكاسات سلبية على الاقتصاد غير أن كفاءتها تتجلى في اختزال مرحلتها الانتقالية، وضمان جودة مخرجاتها، وبما يضمن معالجتها جميع المتغيرات السلبية الطارئة.
وأحسب أن مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يسعى جاهدًا لتحقيق ذلك الهدف الاستراتيجي إلا أن تركيز بعض الوزارات على الإيرادات المالية ربما أسهم في عرقلة ذلك الهدف المؤثر في حجم الثقة بالاقتصاد والإصلاحات الحكومية.
من السهل تعزيز الإيرادات المالية غير أن الصعوبة تكمن في استدامتها، وحجب انعكاساتها على الاقتصاد، وتدفق الاستثمارات.
أرى أن هناك تحولاً إيجابيًّا في الرؤية الحكومية، أو ربما ترجيح الجانب الاقتصادي في التعامل مع الرسوم والإيرادات المالية، بدأ من تصريح معالي وزير المالية محمد الجدعان بالمواءمة بين الشأن المالي والاقتصادي في القرارات الإصلاحية، مرورًا بتصريح معالي وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي الذي أشار فيه إلى وجود دراسة لإعادة النظر في المقابل المالي للعمالة الوافدة، وانتهاء بتعزيز الإنفاق الرأسمالي في ميزانية العام 2019؛ ليصل إلى 246 مليار ريال؛ وهو ما يعني تحفيز الاقتصاد والقطاع الخاص.
استعجال النتائج المالية قد يحول دون تحقيق الأهداف الاستراتيجية المستدامة؛ لذا قامت الحكومة بتمديد برنامج التوازن المالي حتى العام 2023، وهو دليل آخر على مراجعة الحكومة قراراتها الإصلاحية، وبما يسهم في خفض الانعكاسات السلبية ودعم النمو.
يقودنا ما سبق إلى التركيز على أهمية «الثقة» في دعم الاقتصاد، والبعد عن الانكماش القسري الذي قد يحدث لأسباب مرتبطة بحجب استثمارات قطاع الأعمال وإن عززت الحكومة إنفاقها الرأسمالي. فالثقة كفيلة بتعزيز دوران السيولة في الاقتصاد، وعدم تمركزها أو حجبها عن السوق من قِبل المستثمرين والشركات والأفراد.
ويبقى السؤال الأهم: هل نضمن دوران مستحقات المقاولين التي سددتها الحكومة، إضافة إلى 246 مليار ريال في الاقتصاد بشكل مستدام، أم أنها ستتركز في حسابات المستفيدين؛ وهو ما يحرم الاقتصاد من منفعتها المستدامة؟ سؤال ستبقى الإجابة عنه معلقة حتى نهاية العام الحالي غير أن ضمان إيجابيته يمكن أن تتحقق من خلال تعزيز «الثقة» العملية المعززة للنمو (الحقيقي) للاقتصاد.