د.دلال بنت مخلد الحربي
تشهد المملكة في الآونة الخيرة نشاطًا ثقافيًا كبيرًا متنوعًا من بينه مؤتمر الوحدة الإسلامية (مخاطر التصنيف والإقصاء) الذي حضره مئات من الباحثين والمتخصصين الذين ناقشوا قضايا عن وسطية الإسلام والتطرف وضرورة توحيد الجهود ونبذ الخلاف، ودون شك إن مثل هذا المؤتمر من الوسائل التي تعمل على جمع المسلمين وتوحيد كلمتهم وتوجههم نحو مناقشة خلافاتهم عن طريق الحوار والتفاهم، وهذا المؤتمر الذي أشرفت على إقامته رابطة العالم الإسلامي جاء ضمن سلسلة طويلة من المؤتمرات والندوات التي نظمتها الرابطة داخل المملكة وخارجها.
ثم هناك المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) الذي توالت دوراته منذ ثلاثة وثلاثين عامًا، وأسهم هذا المهرجان في التعريف بالكثير من الجوانب عن المملكة، كما أنه أتاح المجال لمئات من المفكرين العرب والمسلمين والأجانب في المشاركة بالمهرجان والتعرف على الحركة الفكرية والثقافية والنهضة التعليمية في بلادنا.
وهذا المهرجان تميز أيضًا بالتعريف بالثقافات وتراث أقاليم المملكة في القرية التي خصصت لهذا المجال والتي تنامت مع السنين، فقد كانت في البدء تكاد تقتصر على جناح المدينة المنورة، أما اليوم فقد انتشرت فيها أجنحة المناطق من مثل عسير ومكة ونجران وحائل وغيرها، ومن خلال هذه الأجنحة تعرفنا على أشياء كثيرة عن هذا التنوع الثقافي والتراثي الكبير الذي تتميز به المملكة.
واستمرارًا لهذا النشاط الثقافي الذي تشهده المملكة ينعقد معرض جدة الدولي للكتاب في دورته الرابعة حافلاً بكثير من الكتب وأدوات المعرفة الأخرى التي تحظى بالإقبال من جمهور عريض من محبي القراءة، وهو وسيلة أيضًا للناشرين والهيئات العلمية للتعريف بإنتاجهم، وسيعقب هذا المعرض خلال الفترة القادمة معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يعد من إهم إن لم يكن أهم معرض للكتاب في العالم العربي، وهو بتاريخه الطويل أصبح مهرجانًا ثقافيًا ينتظره الكثير من أبناء المملكة ويتوافدون إليه من أنحائها بحثًا عن الجديد في المعرفة.
إن هذا النشاط الذي تحدثت عنه جاء في أوقات متقاربة، ولو حاولنا أن نعدد ونحصي فقد تطول القضية، لأن هناك مناسبات ثقافية وعلمية عقدت خلال العام الحالي تؤكد الدور الريادي للنشاط الثقافي والتميز الفكري الذي تحظى به المملكة، ويبقى دور الإعلام في التعريف بهذه الأنشطة وتقديمها في صورتها الحقيقية إلى المشاهد خارج المملكة، وهو أمر نحتاج إليه للتعريف بالواقع الثقافي النشط في بلادنا والممتد عبر سنوات طويلة والذي تميز بالثراء المعرفي والتنوع البيئي عاكسًا هوية هذا البلد الذي هو قلب العروبة والإسلام.