د.عبدالعزيز الجار الله
ليس بالضرورة الربط بين السياحة والترفيه والأماكن الأثرية والتاريخية والتراثية؛ لأن خيارات السياحة البيئية تعطينا المجال الأكثر اتساعًا وتنوعًا، والأفق المفتوح لتقديم ترفيه وسياحة محلية وعالمية، تحرك الاقتصاد المحلي.
كما أن الصحراء - وهي مكوِّن الجزيرة العربية - ليست مفهومًا مجردًا ومعزولاً كما يُعتقد، كما أنها ليست فقيرة بالموجودات والمفردات البيئية. صحيح أن بها نقصًا بالمياه الجارية، وشحًّا في الغابات إلا جنوب المملكة، لكن لدينا مخزونًا مائيًّا جوفيًّا بطبقات حاملة للمياه. والأقوى أننا نملك - بفضل الله - غرب البلاد البحر الأحمر بطول سواحله (2600 كيلومتر مربع)، والخليج العربي في الشرق بطول ساحل (1200 كيلومتر مربع)، بمجموع (3800 كيلومتر مربع). وهذه الأرقام كبيرة جدًّا في سواحل الدول. إضافة إلى ذلك أن البحر الأحمر والخليج هما خزانات ضخمة لتحلية المياه، وتوليد الطاقة، وموانئ لسفن السياحة للسياح والراغبين في الوصول إلى صحراء الجزيرة العربية.
بلادنا عطلت استثمارات السياحة طويلاً حين اعتمدت السنوات الماضية على النفط فقط، واعتبرته المصدر الاقتصادي الوحيد، رغم أن السياحة البيئية لو تم التركيز عليها لأسست استثمارات ضخمة، وثروة مالية؛ لأننا نملك تنوعًا بيئيًّا وتعاقُب التكوينات الطبوغرافية والظواهر الجيولوجية بين البحر والساحل وتهامة والجبال، ثم تأتي بعدها الهضاب المتعددة والجبال الصغيرة والحافات الرسوبية وبحار الرمال في صورة جغرافية بديعة، تأسر وتسر الناظرين. وأزيدك من قيمتها الاستثمارية بأن هذه المكونات والظواهر إذا تعاقبت كونت عالمًا سياحيًّا، يجذب الزائرين إليه، وربما لا نحتاج إلى المواقع الأثرية رغم أهميتها.
وهنا تأتي أهمية التفكير بعيدًا عن المواقع التاريخية، سياحة ترتبط بالمكونات البيئية؛ فقد تكون الأفضل في هذه المرحلة المبكرة من صناعة السياحة.