عبدالوهاب الفايز
كما تعودنا من قيادات بلادنا، الأوامر الملكية الأخيرة حملت الخير الكثير، وجاءت بما يكرس الجبهة الداخلية ويفتح الآفاق لمسارات جديدة للتنمية، إنها: تجعلنا ننشغل بما ينفعنا!
ومما يسعد ويفرح هو قيام (هيئة للفضاء)، وقبل أسبوعين كنّا، في هذا المكان، نقدم الأماني لأن تتوسع الحكومة في الإنفاق على أبحاث الفضاء، ولكن الملك سلمان -حفظه الله- أمر بما هو أكبر: هيئة متخصصة للفضاء، وفرحنا أن نرى الأمير سلطان بن سلمان القائد لهذه الهيئة، ليواصل إنجازاته الوطنية، فبعد مشوار النجاح في السياحة والتراث الوطني والعمراني، وصناعة المؤتمرات، الآن يستعد للفضاء.
الأمير سلطان سوف يحلق في الخيال من جديد، في مهمة صعبة أخرى، ولكن بحول الله ستكون ممتعة، مثل متعة الإبحار بين الصحاري والأودية والجبال والشواطئ ومواطن الآثار، متعة التعرف على بلادنا: الإنسان والأرض والتاريخ والحضارة والثقافة.
إن بناء فكرة جديدة يتطلب رحلة معاناة، والفكرة الوطنية حول الفضاء ومشاريعه لن تقل صعوبة عن بناء الفكرة الوطنية عن السياحة، فتجميع أطراف فكرة هلامية لبناء وتشكيل مشروعات جديدة يمكن رؤيتها وتحسس معالمها، هذه: مهمة صعبة!
ولكن الأمر المؤكد أن مهمة الأمير سلطان مع الفضاء ستكون أسهل من مهمة بناء مشاريع السياحة الوطنية، فبلادنا قطعت شوطًا مهمًّا في مشروع الفضاء، وأهم خطوة أنجزناها هي بناء الكوادر البشرية، وهذه هي رأس المال الحقيقي لمشاريع الفضاء القادمة التي نتطلع إليها.
الفضاء وعلومه ومنتجاته أحد مجالات التنافس العالمي، والأمير سلطان ظل ينادي إلى ضرورة الاهتمام بصناعة الفضاء، لأنه أحد مسارات التعاون الدولي، وهو أحد بوابات التحديث، وهو أفضل وسيلة لأخذ الشباب إلى المستقبل.
بعد إطلاق القمرين السعوديين الصناعيين (سعودي سات أ) و(سعودي سات ب) على متن الصاروخ الصيني (Long March 2D) من قاعدة جيوغوان بجمهورية الصين الشعبية مؤخرًا أعرب الأمير سلطان عن سعادته بهذا الحدث وذكر (أن الدولة تتجه للتوسع في هذا المجال بما في ذلك إنشاء كيان مستقل لهذا المسار الاقتصادي والعلمي المهم لمواكبة الخطط التي تستعد المملكة لتنفيذها في مجالات صناعة الفضاء).
والأمير سلطان يرى أن إقبال الشباب السعودي على علوم الفضاء وتطبيقاته وتقنياته يستدعي أهمية إرسال المملكة رواد فضاء يشاركون في الأبحاث العلمية في المجالات التقنية المتقدمة، ودائما يعرب عن أمنيته (رؤية رواد فضاء من العلماء السعوديين يشاركون في محطة الفضاء الدولية وغيرها من البرامج المهمة).
وكان أيضًا يتطلع منذ عدة سنوات إلى مشاركة المملكة في محطات الفضاء الدولية والعمل على وضع أول عالم سعودي ضمن برنامج أبحاث متخصص ومكثف، ولعل سمو الأمير سلطان يحقق لبلادنا ما تتطلع إليه في مجال الفضاء، بعدما وضع قلبه وجهده وفكره ليحقق لنا ما كنّا نراه حلمًا وخيالاً في السياحة، وبحول الله ستكون بلادنا أيضًا رائدة في صناعة الفضاء.
هيئة الفضاء الجديدة سوف تستثمر اهتمام المملكة بهذا المجال، فعلاقتنا مضى عليها 33 عامًا منذ أن شارك الأمير سلطان بن سلمان في رحلة المكوك الفضائي ديسكفري عام 1985م.
الذي نتمناه هو أن تكون هيئة الفضاء الجديدة (الغطاء) لمشروع (الدبلوماسية العامة) غير الحكومي الذي نحتاجه الآن لتسويق (القوة الناعمة السعودية)، والأمير سلطان خير من يدرك ويعرف حقيقة القوة الناعمة لبلادنا.
هذا المشروع مديره الأمثل (نادي الفضاء السعودي)، بعضوية رواد وعلماء الفضاء في العالم، مع فتح العضوية لشخصيات عالمية أخرى لها اهتمامها بالفضاء، وربطه بأنشطة جمعية مستكشفي الفضاء التي تضم في عضويتها أكثر من 400 رائد فضاء من 37 دولة، والأمير سلطان عضو مؤسس في هذه الجمعية.
حاجتنا ملحة لقيام مؤسسة وطنية مستقلة غير ربحية تتبنى الدبلوماسية الشعبية. نادي الفضاء هو المشروع الفعال لهذه المهمة.