في عام 1438هـ ووفق إحصائية هيئة الإحصاء تجاوز عدد السكان في المملكة 32 مليون نسمة، وهذا يعطي مؤشراً واضحاً حول حجم النمو المتسارع الذي تشهده المملكة في أكثر من اتجاه، وأبرزها النمو العمراني الذي يأتي تلبية لحاجة النمو السكاني، الأمر الذي يقود حركة التنمية إلى تحديات مستقبلية يتطلب الأمر العمل على تجاوزها عملياً وفق رؤية عمل محددة المعالم، ورؤية المملكة 2030 جاءت لمعالجة هذه الاحتياجات بخطط عمل ومستهدفات مرحلية طموحة.
المشاركة المجتمعية تعد أحد الوسائل الهامة في تعزيز التكامل بين احتياجات المجتمع المدني والجهات التخطيطية. وفي المقابل، فإن استقصاء احتياجات ورغبات المجتمع هي عملية معقدة كونها تتطلب الأخذ بأولويات الفئات المجتمعية بعدالة وبلا تحيز؛ ويقتضي ذلك الأخذ بمقاييس التمثيل العادل للفئات الاجتماعية والاقتصادية المستضعفة وتلمس احتياجاتها من خلال أدوات الاستقصاء الميداني، أو المنصات الإلكترونية التفاعلية أو تنظيم الورش واللقاءات العامة. ولا تقصر عمليات المشاركة على الجيل الحالي فحسب بل من الأهمية بمكان تعزيز مبدأ المشاركة المجتمعية للأجيال المستقبلية من خلال تنمية حس المشاركة للطفل وإبداء الرأي في تشكيل البيئة العمرانية وفق احتياجاته.
ما دعاني للحديث عن ذلك هو ما شاهدته من تنظيم رائع لمنتدى التخطيط الحضري الثاني الذي نظم تحت إشراف وزارة الشئون البلدية والقروية بالمملكة العربية السعودية بمدينة الرياض خلال الفترة من 6 - 8 صفر من العام الجاري بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، حيث وضع هذا المنتدى بين أيدينا العديد من الأوراق البحثية التي ناقشت مستقبل المدن السعودية، صاحبها عدد من الأنشطة والورش التي استهدفت كافة شرائح المجتمع بما فيها جيل المستقبل، وشارك الطفل في العديد من الفعاليات المصاحبة للمنتدى والتي عززت مهارة التفكير المستقبلي بالبيئة التي نعيش فيها.
وختاماً، فإن استمرار هذه الفعاليات التي تزرع حس المشاركة الاجتماعية تعكس الاهتمام الواضح بمستقبل مددنا السعودية لتحتل مكانها الصحيح في مقدمه مدن العالم.
** **
عضو متعاون وحدة أبحاث الإسكان السعودي، كلية العمارة والتخطيط، - جامعة الملك سعود