إبراهيم عبدالله العمار
هل تشعر بالوحدة رغم أنك تتحادث مع آخرين عبر الإنترنت كل يوم؟ لست وحدك إذاً. وسّع العلم الغربي نطاق المعرفة بالجسم بشكل كبير حتى كأن المعرفة تمتد مسافة كوكب، فعرفوا تركيبه من أكبر إلى أصغر شيء حتى على المستوى الجيني، وفي نفس الوقت ضيقوا نطاقه الروحي والنفسي حتى صار أضيق من ثقب الإبرة، ويحذّر العالم جيمس لينش الناس في كتابه «آهةٍ غير مسموعة» بشدة من الوحدة والانعزالية التي انتشرت في مجتمعه الأمريكي خاصة، ومن الأشياء التي لا ينتبه لها الكثير الفصل بين العقل والجسم، فعندما يتحدث الشخص مع آخر على الإنترنت فهذه يشار إليها أنها حوار وعقول تتخاطب مع بعضها، فلاحظ الفصل الكامل بين العقل والجسد، بينما الحقيقة المجهولة لدى الكثير هي أن الاثنين لا ينفصلان في الحوار، أي أن الجسم وصحته يحتاج القرب من أجسام أخرى. التحاور عبر غرف الدردشة والإنترنت ليس شيئاً يستحق الإشادة (عقول مجردة تتخاطب)، بل يستحق...الحزن! لأن هذه الحياة الجديدة صارت الآن تبيد البشر.
نعم، تبيدهم، لا تقتلهم فقط بأعداد فردية، لأن الانعزالية والبعد عن الحياة الاجتماعية تسمم الجسد بمعنى الكلمة، وتقصر العمر، وتميت أعداداً ضخمة من الناس حول العالم ممن ظن أن الإنترنت كفيلة بسد حاجاته الاجتماعية، والحياة الاجتماعية السليمة من أسس الحياة، حتى إن العالم المذكور يسمى الحوار الحقيقي الذي يكون فيه الناس قرب بعضهم «إكسير الحياة»، ويستنكر على العلم الغربي تجاهله شبه التام لأهمية الاجتماعية وضرر العزلة، وقد قاس بنفسه ضغط الدم وضربات القلب لبعض مرضاه قبل وبعد نبذهم للعزلة ولاحظ تحسناً كبيراً.
لا تقلق إذا كنت انعزالياً، فالوقت لم يفت، وأمامك فرص كثيرة لتتدارك نفسك.