د.ثريا العريض
لو أن هذا الوقت فينا لا يعاسرُنا مروره
لا يقتضي منا رسومَ عبورنا
متسامحٌ معنا ومنتظرٌ إذا نحن انتظرنا
أو تلكأنا بمنعطفٍ يخاتلنا عبوره ..
مترفقٌ لا يقتضي عمراً نسجّله
ولا اشتراط ترمّد الأحلام في جمر المباخر
لا يهدي شتاءات تراكِمُ في الشرايين الجليد
*
لو أن هذا الوقت يبقى غمغمات من نشيدٍ قادمٍ
تصبو إليه الروح إذ تتقاطر الأحلام بدئا من جديد
فينجلي في الروح سيلاً دافئ الشطئان
ماتعاً بالنبضِ يهدينا احتفاءات التكّهن
في مجاهل غيبِه
لا يثقل الآكام في أرواحنا زهر الشتاء وزمهريره
*
ما الوقتُ؟ ... غير
تسرّب الأحلام من ترتيل أوهام التكوّن
غبشٌ كثيفٌ كالدخان.. وينجلي
عبق البخور الأوّلي
لحظات إيحاء بشيء ما سيأتي
ربما يأتي
وإن يأت.. أنضمنُ نحتفيه إذا تمكّن من مساربِ وجدنا؟
لحظات أسرارٍ
وتستفتي الدفاترُ دمعَنا
أين المنى حين التقاء الوقت بالمنقوشِ في وهج السريرة؟
*
لحظات تحيارٍ وتحفر نقشِ هذا العمر في خبز الخدود
يا من يعيد لوقتنا كنه البدايةِ حين
كان الماءُ ماءً
والمجالُ سنابلاً
والخبزُ حلماً في تذوّقِ جائعٍ يهفو للقمتِه
ويحترف الوعود ويهتدي عبر التماع النجم
أشواقاً يصوغ صفاءها من حرقة الأحزان
في خطوات أقدامٍ على شوك العراء
وموت ظل الحزن في وهج الظهيرة
*
لو أن صلصال الحياة يظل محتفلاً براءته
وفي أوج احتمالات التكوّن لا تعيث به
اعتسافات التحجّر؛ لا
يصير سطور عمرٍ لم تسجلها أصابع شوقنا
أو مدامع وجدنا
يظل يحمل ما نريد
*
لو أن هذا الوقت يسمح أن نعود
أن نستعيد هلامنا
في لهفة الروح المؤاخية احتمالات التكوّن
في ضباب الماء قبل الماء
يهمي من غمامات السماء
ويعلن في سراب الروح تنهات الحقيقة
واحتفاءات البصيرة
*
لو أن هذا الوقت يعجننا
ويعيدنا طيناً طريّاً
يحتفي كنزَ الطفولة والوعود
ويمنحنا احتقان الجذوة الأولى بفضاء أحلامٍ غريرة
تمحو ملامحَ كل تمثالٍ تكوّناهُ.. ما شئناهُ وجهتنا الأخيرة
*
لو أن هذا الوقت يبقى مثلما دوماً وددنا أن يكون
مطراً بدائيًا على رمل السكون
مطراً يمهد للرياح هديلها
ويهز مهد الروح راضية إذا ما
ترتخي ترخي جدائلها على فرح الضفيرة
*
لو أن هذا الوقت يعتقنا وينسى نفسه
يمحو خطايانا.. تخوّفنا.. خُطانا.. وشمَه فينا
...
أنبقى راكضينَ
كما احتفالات البدايات المثيرة؟