د. جاسر الحربش
عجيب ولكن ليس مستغربًا هذا التشابه وأحيانًا التطابق في انتشار الفقر وتخلف التنمية وتكاثر السكان المنفلت وانتشار كل حروب القوى والدول الأخرى على أراضيه رغمًا عنه، والمقصود هو العالم الإسلامي الممتد من الجزر الإندونيسية في المحيط الهادئ إلى أقاصي الشمال الغربي الإفريقي على الأطلسي.
هل يوجد كيان اسمه العالم الإسلامي على غرار العالم المسيحي أو الهندوسي البوذي، أو التكتل اليهودي؟ نعم، هذا الكيان موجود كواقع جغرافي ديني، لكن ثم ماذا؟ ما هي قيمة هذه الحصة الهائلة من الجغرافيا والبشر التي تمثل تقريبًا خُمس الكرة الأرضية، بمقاييس العلم والقوة والحقوق والصناعات والأمل في المستقبل؟ بهذه المقاييس، مقارنة بعمالقة الأديان والحضارات الأخرى، يعتبر العملاق الإسلامي مجرد قزم قليل القوة والحيلة. الدليل على ذلك أن كل القوى الأخرى تتصارع على مصالحها فقط، وتحديدًا على الجغرافيا الإسلامية، وخصوصًا العربية منها والأفغانية الباكستانية.
المقارنة تثير الشفقة لدرجة البكاء المنتهي بالضحك بما يشبه الهستيريا في عالم اللامعقول. خمسة وعشرون مليون نسمة من أتباع الديانة اليهودية لهم ذلك الوزن المالي والسياسي والعلمي والإبداعي، وأهم من ذلك الجبروت العسكري مقابل مليار ونصف المليار مسلم، لا يملكون رد الآخرين عن أراضيهم وثرواتهم وأرواحهم.. لكن الخمسة والعشرين مليونًا من الديانة الأخرى لا تستطيع أية قوة أن تقول لهم أُف، ولا تنهرهم، بل تتوسل صداقتهم ورضاهم.
ما هي أسباب الهزال الذي يشل عملاقًا يمتلك من البشر والثروات خُمس الكرة الأرضية؟ هل السبب الأهم يعود إلى تكلس الإرث الحضاري وتحجره داخل قوقعة العادات والتقاليد والأعراف القبلية والطبقية، أم يعود إلى انتهازية المرجعيات الدينية وحرصها على الترفع المادي والمعنوي عن الشعوب ومقاومتها للتجديد، أم أنه بسبب خلل بنيوي في فهم أساليب الحكم والإدارة وجنوحها نحو السيطرة المطلقة مهما كانت الأثمان، أم أنها خلطة جاهلية من كل ذلك؟
المهم قبل الغرق والتفكك الاعتراف بالحقيقة. العالم الإسلامي منذ خمسة قرون على الأقل هو الأفقر والأجهل والأقل عدالة وأمنًا، والجدار القصير لكل الحضارات الأخرى؛ ويحتاج إلى نهضة تجديدية ريادية.
لي رجاء أخير أن يشاهد القارئ ويستمع إلى خطبة السيد مارك لامونت هيل المحلل الإخباري السابق في محطة سي إن إن التي ألقاها في الأمم المتحدة بعد عودته من رحلة تفقدية في فلسطين، وبسببها فصلته المحطة من عمله بتهمة معاداة السامية، وهو أمريكي الجنسية.