عبد الله باخشوين
** لن نتوقف طويلاً للحديث عن الاستراتيجيات الاقتصادية التقليدية التي كانت تسود العالم منذ نهاية (الحرب العالمية الثانية)، والتي أعادت رسم الحدود والنفوذ في منطقة الشرق الأوسط كبديل للفكر الاستعماري التركي الذي انتهي بخروج تركيا من معادلة القوة العسكرية.. لكن يمكن القول إن خروج الشرق الأوسط من دائرة (الاستعمار المباشر).. جعله يتحول -بحكم الثروات الطبيعية- المكتشفة فيه إلى حليف (اقتصادي استراتيجي) في مواجهة المد (السوفياتي) والمد (القومي) الذي تحالف معه في مواجهة التيار (الإسلامي)، وللحد من كل التحولات المحتملة وجد الغرب نفسه متحالفاً مع (التيار الإسلامي) ومراهناً على قدرة أطروحاته المحافظة علي مواجهة (تطرف) التحول باتجاه الفكر الماركسي وحليفه (القومي) .
طبعاً هذا الكلام قديم وضرورات الكتابة الصحفية تتطلب الاختصار والقفز فوق المراحل للوصول للنتائج، والوقوف عند آخر محاور الاستراتيجيات الغربية وتحديدا الاتحاد الأوروبي وأميركا التي قامت علي استثمار (النفط) والثروات الطبيعية في الشرق الأوسط وإفريقيا والعالم الثالث بشكل عام، وخلقت معه تبادلات تجارية واقتصادية ومصالح عسكرية تضمن بقاءه كمنطقة (نفوذ اقتصادي) وتجاري لتسويق المنتجات التقليدية في مختلف المجالات بما في ذلك الأسلحة الدفاعية والهجومية التقليدية، والمساهمة في بناء وتطوير البني التحتية ومستلزماتها.
وبنظرة سريعة لتطور دول مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا وغيرها من الدول التي خرجت من النطاق (الاستهلاكي) وأصبحت لديها قدرات إنتاجية فاعلة ومؤثرة.. وصعود درجة حرارة وشراسة الصراع الاقتصادي والاستثماري بين الدول الكبرى.. أميركا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي.. نجد أن الغرب ما زال يسعى للحفاظ علي استراتيجيته الاقتصادية التقليدية التي عفا عليها الزمن، مما دعا الصين للقول في أكثر من مناسبة إنه (لا يوجد بيت في العالم ليس به شيء من صنع الصين) .. فيما يؤكد الرئيس الروسي بوتين - داًئما - على تفوق تقنيات وفاعلية السلاح الروسي.. ولم يبق لأميركا سوى انفرادها بالتفوق في مجالات التقنية الالكترونية.. دون أن يخلو الأمر من مزاحمة ومنافسة يابانية وصينية.
وإذا قلنا إن الاستراتيجية التقليدية تجاه الشرق الأوسط تراهن على تفوق إسرائيل وعلى بقاء دول المنطقة كـ(سوق استهلاكي) حيوي وفعال.. نجد أن (لغة) هذا التفكير استوعبها وطبقها رجل حيوي شديد الذكاء هو الشيخ محمد بن راشد الذي نجح في تحويل دبي إلى أهم (سوق دولي) آمن في منطقة
الشرق الأوسط.. غير أن هذا يقابله بروز عقليات غير تقليدية.. أعادت تقييم قدرات وإمكانات الخروج من هيمنة العقلية الاقتصادية الغربية التقليدية وأخذت تعيد النظر في ما يمكن أن تحققه طموحاتها في ترجمة أحلامها المستقبلية لنهضة شعوبها وبلادها .. نذكر منهم قيادات مصر وأبو ظبي والمملكة العربية السعودية.
وبقصر الحديث على المملكة يبرز دور ولي العهد السعودي زين شباب العالم الأمير محمد بن سلمان صاحب العقلية الفذة الذي وجدت أحلامه وأفكاره (عند طرحها) استجابة وترحيباً دولياً أشاد بعقليته الفذة وطموحه لتطوير بلاده، والخروج بها من موقعها التقليدي باتجاه نهضة حديثة مواكبة، هذا قبل أن نجد من (يعيد النظر) محاولا استثمار حدث تم البث فيه وحسم تماماً.. للتشكيك ومحاولة إحباط شباب المملكة بإحباط طليعتها، وذلك لان الذي وضح جلياً هو أن محمد بن سلمان لم يعرض نفسه للعالم كـ(زبون) يمثل أغنى دول العالم العربي، لكنه يقوم بطرح إمكانات بلاده ويقترحها كـ (شريك) مساهم ومتحالف ومتضامن في حركة نهضة الاقتصاد العالمي.. وعلى قاعدة مهمة هي أن بلاده المملكة العربية السعودية عدو أساسي للإرهاب والتطرف، وهي قاعدة مهمة وخطيرة في منطقة الشرق الأوسط عن طريقها يمكن الربط بين ثلاث قارات.. وتملك أقوى وأكبر قوة اقتصادية قاعدتها (النفط) ولديها القدرة على الخروج منه كقوة اقتصادية مفتوحة لكل العالم، وترحب وتدعوا لمشاركات واسعة تخدم البشرية من موقع يليق بمكانة المملكة العربية السعودية.