أحمد بن عبدالرحمن الجبير
تؤكد العديد من التجارب العالمية على المؤسسات الصغيرة، والمتوسطة، لأنها تعتبر المؤسسات القريبة من المجتمع، وتسهم في تنميته، وتساعد في تعزيز استقراره الاقتصادي والاجتماعي، وهذه المؤسسات قد لا يوليها محللو الاقتصاد والسياسة اهتمامًا كبيرًا، بينما أهميتها الرئيسة، إنها تسهم في تحقيق النمو الاقتصادي، والاستقرار الاجتماعي والأمني.
ولذا فهي مهمة جدًا، كما أن تنميتها على المستوى الفردي أو المؤسسي، يمكن أن يؤسس لجيل قادر على مواجهة التحديات والصعاب، بعلوم ومعارف تبدأ صغيرة، ومن ثم تكبر، وهؤلاء أصحاب التجارب أكثر نجاحًا في مسارات أي تنمية، ولهذا فإن الاهتمام بالمشروعات الصغيرة، والمتوسطة يأتي من هذه الزاوية.
وعليه، فإن تسهيل الإجراءات، والأنظمة يعد أمرًا مهمًا لتشجيع المؤسسات الصغيرة، والمتوسطة وضروريًا لدعمها، والذي سوف يغري رجل الأعمال السعودي، والمستثمر المحلي على اتخاذ القرار السليم للاستثمار فيها، مما سوف يساعد على تحويل بلادنا إلى دولة استثمارية متقدمة، وأيضًا سوف يشجع الاستثمار المحلي على توطين الوظائف، وتطوير البنية الأساسية للمدن الاقتصادية في المملكة.
فالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في بلادنا تزيد عن 950 ألف منشأة 47% تعمل في تجارة الجملة والتجزئة و12% في الصناعات التحويلية، و11% في الإقامة والإطعام، و30% في أنشطة أخرى. وبلغ عدد العاملين فيها نحو 4.7 مليون عامل 78% منهم أجانب، ونسبة السعوديين 22%، وفق البيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء، ونتوقع بحلول 5 سنوات قادمة يتم توطين قطاعات رئيسة في هذا المجال.
ولو لاحظنا بعض تجارب رجال الأعمال في دول أمريكا، والصين واليابان والهند، لوجدنا بأن تجاربهم على المستوى الفردي بدأت من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وانطلقت نحو الأكبر وصولاً إلى مرحلة الإشراف على التخطيط الاقتصادي، وهذا ما نحتاجه اليوم، فهناك من شبابنا على درجة من الوعي، وتحليل السوق، وإدارة المشروعات الصغيرة، ما تعجز عنه شخصيات لديها إمكانات أكاديمية عالية.
لكن هناك معاناة وتحديات تواجه هذه المؤسسات الصغيرة، والمتوسطة في أعمالها، وتؤدي أحيانًا إلى إحباطها من إكمال مشاريعها، ومما جعلها تصاب بالتعثر نتيجة المنافسة من المؤسسات الكبيرة، والتستر التجاري من قبل العمالة الوافدة، الأمر الذي يتطلب وجود قانون ونظام خاص يحمي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
فتطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يتطلب تضافر الجهود الحكومية، وخاصة من وزارة العمل والغرف التجارية، لتحديث منظومة القوانين والتشريعات، والأنظمة لها، وتشجيع هذه المؤسسات على الاستمرار، وتمكينها للدخول في شراكات ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، الأمر الذي يتطلب الوقوف مع هذه المؤسسات.
ففي جميع الدول المتقدمة نرى أن المؤسسات العملاقة تتعامل مع أكثر من مؤسسة صغيرة ومتوسطة في الحصول على مستلزماتها التجارية والصناعية، الأمر الذي يساعد على نمو تلك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لتصبح مؤسسات كبيرة تعزز من زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ودعم الاقتصاد الوطني.