عمر إبراهيم الرشيد
سئل مسؤول صيني عما إن كان يعتبر بلده دولة عظمى فأجاب بالنفي، قائلاً يمكن للصين أن تكون كذلك بعد نصف قرن!. عجبت حقاً بحكمة ذلك المسؤول، والصين بلد للحكمة والفلسفة على كل حال، وحضارة لم تنقطع منذ آلاف السنين، عدا عن أنها عادت للنهوض بتؤدة وسط حيرة ودهشة الأمم الأخرى، وهي ترى هذا العملاق الأصفر يتمدد في أنحاء الأرض تارة عبر طريق الحرير وأخرى عبر طرق وبحار ومحيطات الأرض.
تركت الصين مناطق النزاع والأطماع والتوترات وذهبت بكل هدوء واتزان إلى القارة السمراء، تشارك دولها استغلال مواردها الطبيعية والمشاركة في المنفعة عبر الاستثمار، وهاهي أمريكا تستفيق على هذا التمدد الصيني عبر القارة معلنة سياستها لمناكفة هذا التمدد الاقتصادي.
ومعلوم حجم الضغوط التي تتعرض لها المملكة سياسياً واقتصادياً وأمنياً، كما أنه معلوم حجم التحول الذي تسير في طريقه وما تحقق منذ بدء تطبيق منهجه اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، وإذا كان للصينيين حكمتهم التي فرضت احترامها عالمياً، فإن للعرب وسكان الصحراء سعة أفقهم وبعد نظرهم وقوة شكيمتهم منذ وجدوا في جزيرة العرب.
والأمم دورات من الصعود والهبوط، والأمم القوية الغنية بحضارتها ليست استثناء إذ يجري عليها هذه السنة الإلهية، إنما لابد لها من الصعود مرة أخرى متى ما اغتنمت السوانح وأخذت بأسباب صعودها السابق. ولعلنا نأخذ بأسباب النهوض بإذن الله تعالى ونعمل بمقتضى الحديث النبوي الشريف عن الإتقان (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، دون ضجيج ودون أن يطغى الكلام على العمل.
ولا يخفى أن وسائل الإعلام الاجتماعي إنما هي فضاء مفتوح بلا قيود أو ضوابط، وفيها من كل مستويات التفكير والمعارف وكوامن الأنفس، يكتب فيها المتعلم والمتعالم والصغير والكبير، المريض والصحيح والشقي والناجح، لذا فهي سوق لا أول له ولا آخر، لذا لا تعجب حين تقرأ عبارات من استخفاف بإنجاز وطني أو نعمة حباها الله لهذه البلاد وأهلها، وكذلك كتابات تضخم منجزاً أو مشروعاً أيًا كان ميدانه وهو لم يتم بعد أو لم يؤت ثماره تنموياً أو اجتماعياً، وهذا يحدث في أغنى وأكثر الدول تطوراً إذ تحتاج بعض المشروعات إلى الوقت كي تحقق النتائج التي أنشئت من أجلها. كذلك تضخيم الأخطاء الفردية وتعميمها على مجتمعنا، بدل نشر المبادرات الحضارية من سلوك وتكافل اجتماعي وهو ما يتم نشره ولله الحمد من قبل كثير من الناس. والخطر المحدق في نظري هو تلك الصيحات الشعبوية، الفئوية أو المناطقية.. فبلادنا ولله الحمد عظيمة كونها مهد الرسالات وأرض الحرمين، وموطن الخيرات وبلد العطاء والإحسان بقيادتها وشعبها، وليست بحاجة إلى تلك الصيحات واحتقار الغير ليس من شيم الكبار إلا من اعتدى أو ظلم أو خطط للإضرار بهذا البلد وأمنه واستقراره، والسعيد من اعتبر بغيره لا من كان عبرة لغيره.