عبدالعزيز السماري
قد يواجه البعض صعوبات في التأقلم في الحاضر بسب ذكريات ماضيهم المرير، وقد يود بعضهم لو أنَّ الزمن يعود إلى الخلف لإصلاح الأخطاء الكارثية التي ارتكبوها في حق أنفسهم، وفي حق الآخرين، وكم تمنى آخرون لو كان في وقت سابق في الماضي لإصلاح ما أفسده زمانه، ومن ثم الحصول على فرصة أخرى في حياته. ومن يعلم فقد يكون ذلك أمراً ممكناً، وهو ما يقد يفسر مختلف اهتمامات وأزمات الإنسان في حياته، ويكشف مدى سذاجة الإنسان وتطرفه وتعصبه وجهله..
قرّب ألبرت أينشتين من تلك الفكرة في أحد نظرياته، ويقول لو قدر لإنسان عمره 15 عامًا أن يغادر الأرض في مركبة فضائية تسير بسرعة حوالي 99.5 % من سرعة الضوء، واحتفل بخمسة أعياد ميلاد أثناء رحلته الفضائية، فإنه عندما يعود إلى المنزل وهو في العشرين من العمر، سيجد أن جميع زملائه في الصف كانوا في الخامسة والستين من العمر، متقاعدين، ويتمتعون بأحفادهم! نظرًا لأن الوقت يمر بمرحلة أبطأ بالنسبة إليه..
نظريًا قد يكون السفر عبر الزمن إلى المستقبل أمرًا ممكنًا، لكننا نحتاج إلى تطوير بعض التكنولوجيا المتقدمة جدًا للقيام بذلك، وبالتالي يمكننا السفر 10.000 سنة في المستقبل، ويظل العمر 1 سنة فقط خلال تلك الرحلة. ومع ذلك، فإن مثل هذه الرحلة تستهلك كمية غير عادية من الطاقة، وقد يكون السفر عبر الزمن إلى الماضي أكثر صعوبة، فنحن لم نصل إلى فهم العلم من خلال أبعاده الثلاثة، وقد يكون هناك بُعد رابع ينتظر الاكتشاف، وعادة ما تبدأ الأفكار العظيمة بأحلام أو محاولات فاشلة، لكنها قد تصبح حقيقة بعد زمن طويل.
لعل أشهر تلك الأحلام في تاريخ الإنسانية، محاولة الطيران التي قام بها الشاعر والفلكي، والموسيقي عباس بن فرناس، وذلك عندما حاول تصميم وإنشاء ماكينة طيران، وفي عام 852 قام عباس بن فرناس بالقفز بالفعل من فوق منارة الجامع الكبير في مدينة قرطبة الأندلسية، ولو قُدِّر له أن يأتي إلى هذا الزمن لأدرك أنه سبق مجتمعه بأكثر من ألف عام..
لكن قبل حدوث هذا الأمر المعجز في حياتنا علينا أن نتوقف قليلاً، ونفكر ماذا نريد أن نعرف أو نصلح لو كان باستطاعة المرء أن يعود في الزمن إلى الخلف..، قد تختلف الأمنيات من شخص إلى آخر، فقد يكون هاجس عالم في الفضاء أن يكون في لحظة الانفجار العظيم في الكون، وقد يختار كثير من البشر العودة إلى مكة لحظة نزول الوحي على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وقد يختار آخر أن يكون في زمن الفراعنة في مرحلة بناء الأهرام..
وكم يود أن يعود ابن في ماضيه لرؤية أمه التي فقدها في الصغر، أو أن يرجع في لحظة من الزمن لوداع ابنه الذي فقده في حادث سيارة، وقد يتمنى الكثير أن يعودوا لتصحيح ما أفسده الزمن في شبابهم الذي ضاع في دروب غير سوية، وكم يتلهف آخر في العودة لقضاء وقت أطول مع عائلته..
بينما قد يكون لأحد أحلام سياسية في مرحلة متقدمة أن يعود لإصلاح ما ألحقه بوطنه من كوارث وحروب وفوضى وتهجير، وللاستمتاع بلحظة إطلاق التنمية المستديمة والحريات لشعبه الذي ذاق الأمرين في عصره، ولكن ماذا عنك أخي القارئ هل فكرت في الأمر قبل حدوثه، وهل ترغب الرجوع إلى ماضيك! ولماذا..؟