محمد سليمان العنقري
الإنفاق الحكومي يمثِّل قائد النمو بالاقتصاد الوطني ولذلك فإن ما يتم اعتماده بالموازنات العامة سنوياً يمثِّل القاعدة الأساس التي ينطلق منها تقدير الأثر المحتمل على كافة القطاعات الاقتصادية، وبالعام القادم تم تقدير أكبر موازنة في تاريخ المملكة عند 1106 مليارات ريال، وذلك لدعم النمو بالاقتصاد وتحقيق العديد من الأهداف التنموية.
فالأرقام المعتمدة لكل قطاع وباب بالميزانية تهدف لتوفير التمويل المطلوب لتنفيذ المشاريع المعتمدة بالموازنة بالإضافة للنفقات الثابتة والتي بمجملها تدعم كافة القطاعات بالاقتصاد، لكن بالتأكيد اعتماد المبالغ بالميزانية يعد واحدةً من الركائز الرئيسية لتحقيق التنمية إلا أنه لا يكفي ولا بد من عمل كبير وواسع من محركات الاقتصاد سواء الجهات الحكومية المعنية أو القطاع الخاص، فترجمة البرامج والمشاريع المعتمدة بخطط الوزارات والهيئات العامة تتطلب جاهزية عالية من الإدارات المسؤولة عن دراسة وإعداد «كراسات» المشاريع في وقت قياسي وطلب المنافسة عليها من الموردين أو المقاولين حسب طبيعة كل مشروع، فكلما كانت الجاهزية في أفضل حالاتها وكان إنجاز الأعمال المطلوبة لطلب المنافسة على المشاريع سريعاً ومن بداية العام فإن الأثر في النمو وتوليد فرص العمل سيكون مبكراً ويمكن أن تتحقق معدلات نمو بالقطاع غير النفطي أعلى من المتوقع.
فالبيروقراطية وعدم الجاهزية لإعداد الدراسات وتجهيز كل متطلبات تلك المشاريع يؤخِّر طرحها للمنافسة، وهذا يعني تأخير انعكاس أثر الاعتمادات الكبيرة للإنفاق الرأسمالي والتشغيلي بالميزانية على النمو الاقتصادي، فالجهود المطلوبة من كافة القطاعات الحكومية المعنية بالتنمية كبيرة ولا بد أن يكون لديها جداول زمنية محددة لترسية المشاريع بوقت قصير، فرؤية المملكة الإستراتيجية التي تعد أكبر تحول يمر به اقتصاد المملكة حدّدت العام 2030 للوصول لجل أهدافها أي اعتمدت إطاراً زمنياً واضحاً، ولذلك من المهم أن تضع كل جهة إطاراً زمنياً مناسباً لطرح مشاريعها للمنافسة، وذلك للمساهمة بتحقيق نسبة النمو المستهدفة بالاقتصاد.
الميزانية العامة للدولة تمثِّل حوالي 30 % من إجمالي الناتج المحلي لكن فعلياً هي تؤثّر بأعلى من هذه النسبة بكثير من إجمالي الناتج المحلي ويصل تأثيرها لقرابة 60 % أو أكثر وهو ما يعني أن المسؤولية كبيرة على كل جهة بإدراك أهمية تحفيز محركات الاقتصاد لتعمل بالكفاءة والطاقة المطلوبة لما له من تأثير أساسي بالنمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل وخفض البطالة.