حمّاد السالمي
* يصل عدد سكان الدولة العربية الليبية؛ إلى ستة ملايين ونصف المليون نسمة بحسب إحصاءات العام 2016م. كم نقَص من هذا العدد خلال العامين الفارطين؛ بسبب الاقتتال الذي لم يتوقف يومًا واحدًا منذ مهلكة القذافي..؟ لا بد أن الرئيس (قردوغان) على اطلاع كامل بعدد مواليد الليبيين وعدد قتلاهم منذ انطلاق شرارة الفتنة سنة 2011م، خاصة وأن تركيا كانت وما زالت أقرب الدول الداعمة للمليشيات الإرهابية من الإخوان وداعش، التي تقتل وتخرب في ليبيا طيلة سبع سنين دون توقف. تركيا ليست دولة محادة ولا مشاطئة للدولة العربية الليبية، ومع ذلك فهي قريبة دائمًا مما يجري في هذا البلد العربي المبتلى بالفتنة والاقتتال، حيث يجد الإرهابيون من يشجعهم ويمدهم بالمال والسلاح، ويوفر لهم الدعم اللوجستي. تمامًا كما كان موقفها مع إخوان مصر بعد الرئيس محمد حسني مبارك. آخر هذا الدعم التركي لإرهابيي ليبيا؛ جاء بحرًا على سفينة للموت تحمل (4200000 رصاصة قاتلة)..! أربعة ملايين رصاصة ومئتا ألف رصاصة هي هدية (قردوغانية) للشعب الليبي وكأنه يقول: لم يبق من هذا الشعب العربي غير هذا العدد من الناس، فلكل واحد منهم رصاصة هدية..! القيادة الليبية التي احتجت على هدايا كهذه؛ ذكّرت (قردوغان) بأن عدد الليبيين أكبر، وأن هديته هذه كافية لقتل (80%) منهم. قالت القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية ما نصه: (إن عدد الذخائر الواردة في هاتين الشحنتين بلغ (4.2 مليون رصاصة)، بما يكفي لقتل قرابة 80% من الشعب الليبي، إضافة إلى آلاف المسدسات والبنادق ولوازمها، بما فيها تلك القابلة للتحوير بكواتم صوت لتنفيذ الاغتيالات). لم أجد- وأنا مراقب فقط لما يجري- غير أن أسأل (قردوغان): أين بقية الرصاصات يا (قردوغان)..؟!
* مثل (تركيا قردوغان) في دعم الجماعات الإرهابية خارج محيطها إيران الخمينية. إيران لا تحاد سورية ولا لبنان ولا اليمن، ولا تتشاطأ مع أي منها؛ ومع ذلك هي موجودة على أراضي هذه الدول العربية الثلاث بالمال والسلاح والمقاتلين، ولها تأثيرها السياسي من خلال مليشيات تمثلها، والحال مع العراق التي تحادها إيران وتشاطئها أسوأ بكثير، ومع البحرين التي تعاني من تدخلاتها في شئونها بكل وقاحة.
* ومثل إيران وتركيا هناك (نظام الحمدين)، الذي يوجد بكل ما يملك من أدوات مالية وإعلامية في مناطق الصراع والاقتتال الذي يشهده أكثر من بلد عربي. قطر اليوم وبكل وضوح؛ تلتقي سياستها الإخوانية مع السياسة الإيرانية والتركية؛ في التأليب والتأجيج والسعي لإسقاط العواصم العربية القُطرية دون استثناء.
* حزب الله في لبنان؛ له حصة ونصيب في الموازنة الإيرانية السنوية، وإلا انتهى وتخلى زعيمه عن عمامته الخمينية. والمليشيات الحوثية تتلقى الدعم المالي والسلاح والصواريخ البالستية من طرف إيران وقطر باستمرار، وإلا ما لقي قادته ورجاله ما يوفر لهم حزمة قات واحدة في قيلاتهم..!
* وهناك في أرض الشام وحتى العراق؛ لم يكف الشعب السوري الوجود العسكري الإيراني ومقاتلي حزب الله والجماعات الإرهابية التي يغذيها المال القطري؛ ليجدوا أن الزحف التركي من الشمال؛ يهدد بلداتهم وقراهم بحجة الخطر الكردي، بعد أن هدد مياه الشرب في منابع دجلة والفرات. كانت تركيا وما زالت قبلة لعناصر داعش والنصرة، يدخلون ويخرجون منها بكل سهولة، ويتعالجون في مستشفياتها، ويصدرون إليها النفط العراقي المسروق في قوافل من الشاحنات على مرأى ومسمع من كل العالم. العالم الذي يقول إنه يحاصر داعش والنصرة وبقية الفصائل الإرهابية في هذه البقعة المشتعلة من العالم.
* لا يسعك وأنت تراقب ما يجري على الأراضي العربية؛ وما يحاك ضد شعوبها المسالمة؛ من مكائد ومؤامرات خبيثة، وتقصُّد صارخ للتفكيك والتفتيت، وإضعاف للقوى السياسية والعسكرية؛ إلا أن تتساءل: إلى متى يستمر هذا الحال..؟ ألا يأتي يوم الخلاص؛ اليوم الذي يستيقظ فيه المارد العربي؛ ليتخلص أولًا من العملاء الجبناء الخونة من أبنائه؛ ثم يلفظ كل جسم غريب إلى خارج حدوده..؟
* هذا اليوم ليس ببعيد. وليس ببعيد كذلك؛ أن ينقلب السحر على الساحر. ذلك أن رهن مقدرات الشعبين التركي والإيراني للتخريب وزعزعة أمن الدول العربية؛ أصبح يشكل عبئًا اقتصاديًا يتعاظم يومًا بعد آخر، وأن كل هذه المواقف العدائية تركية كانت أو فارسية؛ إنما هي قائمة على أوهام تاريخية للتسلط والهيمنة من جديد، تغذيها عقلية فوقية مولعة بالتوسع والانتقام. الانتقام من الجوار العربي الذي لن يركع أبدًا؛ مهما كان، ولمن كان:
هي الأيام والعِبَرُ
وأمر الله يُنتَظرُ
أتيأس أن ترى فرَجا
فأين الله والقدَرُ..؟!