علي الخزيم
مواطن شهم نبيل بمنطقة حائل -وما أكثر النبلاء بمملكة الإنسانية- أرسل ابنه ونفر من أقاربه إلى الهند للبحث عن عامل كان قد نفَّذ له أعمالاً بمنزله؛ إلا أنه لم يحضر لاستلام قيمة أتعابه، وتوصَّل إلى كفيله الذي أبلغه أنه توفي بحادث وغادرت جثته لبلاده، فتعرف الموفدون على زوجته وأطفاله وسلموا لهم المبلغ مع التلطف معهم ومواساتهم ونقلوا لهم تحيات وتعازي الأهل والمعارف، هذا خبر يسعد كل من اطلع عليه، إذ إنه يُقدم صورة جميلة عن وفاء الإنسان للإنسان وعدم هضم حقوقه مهما كلف الأمر، فقد خسر المواطن بسبيل البحث عن صاحب الحق أكثر من الحق ذاته، وبَيَّن للشعب الهندي مدى حسن تعاملنا مع الجالية الهندية وغيرها، وأبهرهم التصرف الإنساني وتناقلوه بوسائلهم ومجالسهم، هذا المأمول فنحن ولله الحمد أمة اقتدت بخير البشر وصحبه الكرام والعالم ينظر إلينا بأننا أحفادهم وأن الأمل بنا أن نكون كما كان الأجداد من العدل والإنصاف والرحمة والرأفة وإغاثة الملهوف وإكرام الضيوف، إلى آخر السجايا الحميدة التي أورثوها لنا عليهم صلوات من الله ورحمة وغفراناً كلما أشرقت شمس وانبلج صبح على جزيرة العرب.
غير أن خبراً من ذات المنطقة -لا يمثل أخلاق أهلها الكرام- يقول إنه بالفترة نفسها كان شابان يسطوان على محطة لمحروقات السيارات ويخطفان أحد العمال إلى مكان قصيّ ويسلبان جميع متعلقاته ونقوده وتركاه لهمومه وخوفه، إلى أن تم الإبلاغ عن الحادثة واتخاذ ما يريح فؤاده، فرجال أمننا والمسؤولون لا يرضون بالممارسات الهمجية المتخلفة، وحادثة كهذه قد تُقوِّض وتطفئ ما بنته وأضاءته قصص من الوفاء والعدل مع الوافدين والتعامل معهم بالحسنى، فهناك من يتحينون الفرص لالتقاط مثل هذه الأخبار السلبية ويوظفونها لتشويه سمعة المملكة والمواطن السعودي ويضيفون عليها بهْرَجًا من القول الزائف لترسيخ الأهداف المرادة بذهن المتلقي البعيد عن مسرح الحقيقة.
وحين تُروى مثل هذه القصص الجميلة من وفاء ولطف الشعب السعودي والخليجي والعربي بصفة عامة فإن القصد إيراد أمثلة ونماذج حديثة حصلت بالمجتمع، وإلا فإن قصصاً مماثلة قد حدثت مؤخراً بنجران ومناطق جنوب الرياض والقصيم والجوف كلها بوقت ليس بالبعيد ومثيلاتها التي حدثت خلال الأشهر والأعوام القريبة الماضية، فمن الأمثلة أن مواطناً أقام حفل توديع لرجل من مصر الشقيقة عمل عنده 35 سنة بإخلاص وكأنه يعمل لنفسه، وبعد الحفل أهداه سيارة ثمينة وهدايا للأسرة، ثم انهالت الهدايا من الأهل والأقارب والأصدقاء، وكانت أجمل وداعية للشقيق المصري المخلص الوفي (وما أكثرهم بيننا بحق)، وتذكروا المواطن الذي أقام حفلة عرس للعامل الآسيوي الذي يعمل بمزرعته بتفان وإخلاص فزوجه بفتاة من جنسيته وأدخل السعادة على قلوبهم وعلى أهاليهم وقد تمت دعوة أصدقاء العروسين، ولبس العريس المشلح (البشت) السعودي وأعلن أنه سيسمي أول مولود يرزقه الله إياهم باسم كفيله وفاء وعرفاناً، هكذا تُكتسب السمعة الحسنة فاصنعوا المعروف ودعوا خلق الله تشهد لكم عند ربكم سبحانه.