محمد بن عبدالله آل شملان
تعيش الرياض - منارة السعودية وعاصمتها - عرساً سعودياً كبيراً يأتي بعد اعتماد أكبر ميزانية للمملكة منذ قيامها بقيمة إجمالية تصل إلى تريليون ومائة وستة مليارات ريال لعام 2019م التي جاءت لتؤكِّد ذاك النهج الذي يرصد أضخم الميزانيات لأغلى الثروات، إنسان الوطن أساس كل الرهانات، والرقم الصعب في مواجهة كل التحديات.
إنه عرس احتفالي كبير يتمثَّل في المهرجان الوطني السابع للتراث والثقافة الـ33 الذي تنظّمه وزارة الحرس الوطني.. الدرع المهم للمملكة العربية السعودية وأحد القطاعات العسكرية والحضارية الكبرى التي تحمي مسيرة الرخاء وقافلة التنمية الشاملة.
هذا العرس الذي دشَّنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيَّده الله- جاء عملاً بالغ التعبير عن الماضي والحاضر. بكل ما يربط بينهما من علاقات ووشائج في عالم متغيِّر.
فلا حاضر بلا ماض، ولا إنسان أصيل بلا جذور، ولا معاصرة بلا أصالة وعراقة، وأمة بدون تراث، وبدون ثقافة، هي أمة فقيرة تحيا جهلاً وتخلفاً، ويصبح المستقبل أمامها ضبابياً، يصعب استشرافه والتعامل معه من منظور مفعم بالتفاؤل. فالماضي والحاضر حلقتان في سلسلة الزمن، وهما بوابتان للزمن القادم، وجسران يعبرهما الإنسان في واقعه المعيش، سواء كان هذا الإنسان من جيل الأجداد أو جيل الآباء أو جيل الأبناء أو جيل الأبناء والأحفاد.
وما الرخاء الذي يحياه الإنسان المعاصر في المملكة العربية السعودية إلا وليد الجهود الشاقة التي تمت في الماضي، وثمرة الإنماء الحضاري في الوقت الحاضر.
ولأن الثقافة ابنة البيئة، ولأن التراث أصل هذه البيئة، فهما مظهران حضاريان يكشفان عن معلمين مشرقين للحياة في مملكة الإيمان والعلم والنور والثقافة والتراث والحضارة.
هذان المعلمان المشرقان دليلان على واقع الإنسان اليوم في المملكة العربية السعودية.. مهبط الرسالة المحمدية وأرض الإسلام الطاهرة ومنبع العطاء والخير للأمة العربية والإسلامية.
إنهما مظهران لحياة عربية إسلامية أصيلة، يتعانقان ويتشابكان، ويتوحّدان في منظومة واحدة، كما يعانق الحاضر الماضي والماضي الحاضر، فلا انفصال بين هذا وذاك، بحيث لا يصبح هناك وجود لأحدهما بدون الآخر.
وفي ذلك يكمن معنى الخطاب الذي يقوله المهرجان الوطني للتراث والثقافة، للأجيال. جيل الرواد وجيل الشباب، وللضيوف الأشقاء الذين حضروا من الوطن العربي مشرقه ومغربه.
ومن هنا، يكتسب هذا المهرجان أهميته ودلالته ومعناه، بوصفه ملتقى فكرياً كبيراً، وموسماً ثقافياً وتراثياً، يعيد إلى الأذهان صورة أسواق العرب القديمة، ويحيي الأمجاد العريقة.
ويجيء هذا المهرجان عصرياً منظماً شكلاً وموضوعاً، تخطيطاً وتنفيذاً، ومتابعة وتطويراً. أروع ما في الجنادرية أنها تأتي بلا دعاية مضللة، وبلا ادعاءات جوفاء، وبلا شعارات كذابة. يتعانق في هذه التظاهرة العصرية صور تراث الأجداد وإنجازات العقل العربي.. صور الموروث التراثي وعطاء الإبداعات الجميلة.
هكذا جمع المهرجان الوطني للتراث والثقافة بين ثقافة العقل وثقافة العين وثقافة الأذن في بوتقة انصهر فيها العطاء تراثاً وثقافة.
وأثبتت وزارة الحرس الوطني أنها مؤسسة عسكرية لا يقتصر دورها على الإنجازات ذات الطبيعة العسكرية فقط، بل تقدم أعمالاً جليلة تسهم في إثراء الواقع الحياتي علماً وفكراً وتراثاً، أدباً وثقافةً وحضارةً، تغيراً وتنويراً.
ولم يكن غريباً - والحال هذه - أن يكون هذا المهرجان - العرس، بحجم الفرحة الكبيرة بميزانية تمنح الأولوية لإنسان هذا الوطن الارتقاء بتوفير كل ما يتعلّق برعايته وتعليمه وصحته ورفاهيته وإسعاده.
إن هذا العرس الاحتفالي لا يعكس صورة للتراث والثقافة في المملكة العربية السعودية فحسب، بل يعكس - كذلك - صورة مشرقة للوطن، والإنسان السعودي باعتباره صانع النهضة الشاملة.
** **
- مدير العلاقات العامة والإعلام بتعليم وادي الدواسر