يعد فن السدو من الصناعات التقليدية التي برعت فيها المرأة السعودية عامة، ولاسيما في منطقة الجوف التي تقع في شمالي شرق المملكة؛ إذ لا يكاد يخلو بيت فيها من منسوجات هذا النشاط التقليدي اليدوي. كما أن المرأة في الجوف عرفت منذ القدم صبغ الخيوط، ولكنها لم تستخدم مثبتات الألوان، فصارت تختلط عند غسل القطع؛ وهذا ما دفعنا إلى استيراد الصوف الطبيعي من الخارج؛ إذ يكون ملونًا ومضافًا إليه مادة مثبتة. وتشتهر منطقة الجوف بتصنيع الثياب على اختلاف أنواعها بجودة عالية، والمشالح والعباءات الرجالية والنسائية، منها «الجوفية» التي كانت تصدر إلى بلاد الشام العراق وسوريا وفلسطين. وكان موسم السدو يبدأ بعد فصل الربيع مباشرة؛ إذ يكون قد تم جز الصوف ووبر الماشية إيذانًا ببدء موسم حياكة السدو.
إن المواد التي تستخدم في نسيج السدو هي من خيوط صوف الأغنام أو وبر الجمال أو القطن. فالصوف الأسود يستعمل في صناعة سقف بيت الشعر وجدرانه. أما الصوف الأبيض الذي يؤخذ من الأغنام البيضاء التي تسمى بالنعيمي فيستخدم لتزيين بيت الشعر. تمرُّ عملية حياكة الصوف والوبر بمراحل، من أهمها جز الصوف وجمع الوبر وشعر الماعز، وبعد الجز يأتي الغزل والفتلة؛ إذ يغزل صوف الغنم وشعر الماعز ووبر الجمل باستخدام مغزل يدوي من خشب بعد أن تنقى من الأوساخ وأغصان الأشجار العالقة بها، وذلك باليد أو باستخدام أمشاط خشبية تشبه الفرشاة. ويمشط الصوف حتى تصبح أليافه مرجلة متوازنة صالحة للغزل، ثم توضع الألياف على «التغزالة»، وهي عبارة عن عصا يلف عليها الصوف غير المغزول؛ لتبدأ عملية الغزل، وتحويل الصوف الملفوف بعد برمه إلى خيوط تجمع على شكل كرات.
وهي عملية طويلة وشاقة؛ إذ يظل «السادي» جالسًا طوال اليوم ما بين غزل وبرم وسدو، ثم يصنع السدو بشكل خيوط عمودية، تمد على أوتاد باستخدام آلات خاصة حادة من قرن الغزال.
وتختلف طريقة صناعة السدو عن صناعة السجاد من حيث الآلات المستخدمة، والنقوش، والزخارف.
تتطلب صناعة قطعة السدو من أسبوع إلى أسبوعين. أما السجاد فيحتاج إلى مدة أطول، قد تتعدى الشهرين. ويعتمد الوقت المستغرق على مهارة الصانع وسرعته، وكذلك على نوع القطعة ومساحتها، وعدد العاملين على صناعتها. فالسجاد - مثلاً - تتفاوت مساحته؛ فيحتاج العمل فيه إلى أكثر من شخص.
وبعد الانتهاء من غزل الصوف والوبر تأتي مرحلة الصباغة. ولا يصبغ من الخامات إلا الصوف الأبيض، يتم تلوينه بألوان مختلفة، كان جلها يؤخذ في القديم من النباتات الصحراوية. أما الوبر والشعر والقطن فلا تصبغ، بل تظل بألوانها الطبيعية. وتميل أصباغ المنسوجات إلى الألوان الزاهية، والنقوش الجميلة في تحدٍّ جريء لبيئة شظفة شحيحة في موادها، قاتمة في ألوانها. ولقد كان النساجون في الماضي يعتمدون على الصوف بألوانه الطبيعية، ويستعينون في تلوين الأصواف ببعض النباتات الصحراوية، مثل العرجون والعرفج الذي به زهرة صفراء اللون، ونبتة الفيحاء، وهي متوافرة في الأماكن الصحراوية؛ إذ تجفف هذه النباتات، وتستعمل في الصباغة. فالعرجون والعرفج يعطيان اللون الأصفر، أما الفيحاء فتعطي لونًا ورديًّا، يميل إلى البني.
وتحظى حرفة السدو أو الحياكة باهتمام بالغ من طرف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي تحرص على إحياء التراث الشعبي في المملكة العربية السعودية، والحفاظ على الصناعات التقليدية؛ لتظل شاهدًا على العلاقة الوثيقة بين الإنسان وبيئته، وعلى إبداع عبقري فطري، تناقلته الأجيال على مدى العصور، وتقاليد صناعية عريقة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، متحدية شظف الطبيعة وشحها، في تكامل بديع وانسجام لا نظير له بين ابن البادية وبيئته. ولقد اهتم البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية بهذه الحرفة هو وشركاؤه؛ فقام بدعمها، وذلك بتنظيم برامج تدريبية لتطوير حرفة النسج وحياكة السدو.