فيصل خالد الخديدي
تعد المسابقات مجالاً خصباً للتنافس وميدان لإثبات الوجود والتميز بين المتسابقين ومحفزاً لمزيد من الإبداع, ولكن متى ما جاءت تلك المسابقات وفق رؤى وأهداف ومعايير واضحة ومعلنة وشروط مقننة ولجان مُنظمة ذات أدوار ومهام موزعة بشكل تخصصي غير عشوائي, ومتى ما خضعت لتحكيم عادل ومحايد من خلال لجان متخصصة بشروط واضحة تتعامل مع الأعمال المتسابقة بكل تجرد وعدل, ولكل جائزة ومسابقة فلسفة وقضية تسير في حماها وتسعى لتحقيقها من خلال آليات تهتم بكل تفاصيل المسابقة ابتداءً من مسماها وانتهاء بالحاصلين على جوائزها وطريقة إعلانها واحتفالية تكريم الفائزين بها. وللجوائز على المستوى العالمي حضور بشكل منظّم ومنهجي وفق أمانة لكل جائزة وفلسفة تسير بها وضوابط علمية تُعد بشكل جمعي حتى وإن كانت الجائزة باسم شخص, كما في جائزة نوبل للسلام والتي كانت بدايتها تكفيراً من العالم الفريد نوبل لاختراعه الديناميت وردة فعل لنعي كان عنوانه «تاجر الموت ميت» كتب عنه في صحيفة بالخطأ عندما توفي أخوه, فوهب 94 % من ثروته لتأسيس جوائز نوبل بفروعها الخمس التي تمنح سنوياً دون تمييز لجنسية الفائز, وكان ذلك ضمن وصيته عام 1895م، لدى النادي السويدي النرويجي في باريس، ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا لمنهجيتها ولدعمها المستمر وتأسيسها العلمي, والنماذج العالمية والعربية عديدة في هذا المجال.
الجوائز والمسابقات في الساحة التشكيلية المحلية لا تزال تسير وفق اجتهادات إن كتب لها التأسيس بمنهجية لم يكتب لها الاستمرارية, إما لتوقف الدعم أو لتغيير المسؤول الذي تبنى المسابقة وذهبت معه, فهي مشاريع فردية غير مؤسساتية تزول بزوال الممول والمؤثر, وبعد كل مسابقة محلية عادة ما تثار عاصفة من الانتقادات ولكن ما حصل مؤخراً في إحدى المسابقات أمر صادم يصعب استيعابه, ليس لعدم أحقية الفائز ولا لقيمة الجائزة ولكن لتكريس مفاهيم خاطئة تتنافى مع أبجديات الفن الذي أعلنت في مجاله الجائزة فمن شروط أحادية للمسابقة صيغت بشكل فردي مرورا لفردية الفرز والتحكيم وصولاً إلى تغييب دور العمل المؤسسي, فلم تكن جائزة فردية في مسماها فقط كجائزة الفريد نوبل، بل عانت من الفردية في جميع مفاصلها حتى غابت عنها روح المنافسة وبهجة المسابقة.