«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
تكاد تنهي أسعار النفط عام 2018 على متوسط سعري 65.6 دولاراً للبرميل، وهو مستوى يزيد على متوسط أسعار عام 2017 بنسبة 29.1 في المئة. وتقديرات المملكة لأسعار النفط في بداية 2018 لم تكن تتجاوز بأي حال من الأحوال متوسط الـ 55 دولاراً للبرميل، وهي استمرار لسياسة التقديرات المتحفظة التي تقلل مستويات المخاطرة في حساب بنود الإيرادات الحكومية في الموازنة الحكومية كل عام. وفي ظل هذا النجاح في صنع تقديرات أسعار النفط، أعلنت وزارة المالية عن نتائج مبشرة لتوقعات ميزانية العام 2018، حيث تكاد تنتهي السنة على إيرادات 895 مليار ريال، وهي تزيد على المقدرة في بداية العام بنحو 111 مليار ريال، أو ما يعادل 14.2 في المئة.. وهي تزيد في نفس الوقت على العام الماضي بنسبة تناهز29.4 في المئة.. بشكل يعطي اتجاها صريحا بتزايد الإيرادات الحكومية بشكل يناهز الثلث هذا العام عن العام الماضي. وقد ظهرت الحكمة الإدارية لصانع القرار، حيث إن تزايد الإيرادات مكَّن الحكومة من تزايد آني في مستوى النفقات الحكومية التي أحرزت هي الأخرى تزايداً واضحاً لتصل إلى حوالي 1030 مليار ريال، محققة ارتفاعاً بنحو 52 مليار ريال، أو ما يعادل نسبة 5.4 في المئة، وهي الأخرى تزيد على مستويات العام الماضي بنسبة 10.8 في المئة. ووحدة أبحاث الجزيرة ترصد تبني الحكومة لمنهج التوسع عن المستويات المقدرة في موازنة 2018 في بداية العام، منذ منتصف عام 2018، عندما أيقنت الحكومة تحقيق أسعار النفط لمستويات متوسطة تزيد على 65 دولاراً للبرميل، فحتى يوليو 2018 كان متوسط سعر النفط نصف السنوي يزيد على 65 دولاراً للبرميل، بل إنها اتخذت مسارا صاعدا بعد يوليو مباشرة.. من هنا بدأت الحكومة تتخذ نهجاً توسعياً يعادل فرق الزيادة عن المستوى المحسوب في موازنة 2018.. لذلك، فإن وحدة الجزيرة تؤكد على تبني الدولة نهجا توسعيا منذ يوليو 2018. وقد تبلور نجاح صانع القرار الحكومي في تبني نهج متحفظ في تقديرات موازنة 2018، ثم تبنيه لنهج توسعي استجابة لارتفاع أسعار النفط خلال النصف الأول من 2018، الأمر الذي تبلور في تفضيله للتوسع على تعويض وتقليص عجز الميزانية الفعلية .. فلو لم تتبنَ الدولة توسعا في النفقات الحكومية بمقدار 52 مليار ريال، لأنهت ميزانية 2018 عامها على عجز بمقدار 84 مليار ريال فقط، ولكن الحكومة اختارت عجزا بمقدار أعلى بنحو 136 مليار ريال، مفضلة إحداث توسع أعلبمقدار 52 مليار ريال ..
ويعتبر هو الآخر تحسنا كبيرا في مكونات الميزانية، حيث تراجع عجز الميزانية الفعلية من 195 مليار ريال (كانت مقدرة في بداية العام) إلى 136 مليار ريال (عجز فعلي).
ميزانية 2018 .. وبداية الاستقرار في الميزانية
إن شئنا لقلنا ميزانية 2018 الفعلية تسجل بداية الاستقرار لميزانيات المملكة بعد فترة من الاهتزاز نتيجة اضطراب أسعار النفط ونتيجة تبني الدولة لبرنامج الإصلاح والتوازن المالي .. اليوم تشهد الميزانية زيادة في الإيرادات وهي منسوبة لأول مرة في جزء مهم منها للإيرادات غير النفطية «إيرادات ضريبية»، فضلا عن توسع في النفقات متزايد .. مع قبول نسبة من العجز ولكنها متناقصة.
ارتفاع كبير في الإنفاق على الموارد الاقتصادية
من بين الأرقام اللافتة للنظر هو ارتفاع حجم المخصصات للإنفاق على الموارد الاقتصادية وأيضاً التجهيزات الأساسية والنقل في ميزانية 2018 عنها في ميزانية العام الماضي 2017 .. فحجم المخصص للموارد الاقتصادية ارتفع من 48 مليار ريال في 2017 إلى 106 مليار ريال في 2018 .. بزيادة تقدر بنحو 123 في المئة. أيضاً شهد قطاع التجهيزات الأساسية والنقل ارتفاعا بنسبة 56 في المئة .. وكل هذه الزيادات تصب في صالح تحفيز وزيادة قدرات وإمكانات القطاع الخاص للانطلاق والإمساك بدوره المأمول حسب رؤية 2030.
موازنة عام 2019
إعلان موازنة 2019 يعد بمثابة موازنة استثنائية جديدة للمملكة بقيمة 1106 مليارات ريال ، وهو القيمة المقدرة الأعلى في تاريخ المملكة، سواء في الموازنات المقدرة أو حتى الميزانيات الفعلية، فلم يصل حجم الإنفاق الحكومي إلى مستوى يزيد على هذا الرقم .. وقد كان آخر رقم مقدر في موازنة سعودية هو 978 مليار ريال في موازنة العام الماضي .. وكان أكبر رقم فعلي متحقق للإنفاق في عام 2014 بنحو 1100 مليار ريال .. وبالتالي فنحن أمام رقم تاريخي جديد أطلقه خادم الحرمين الشريفين بنحو 1106 مليارات ريال ليضع المملكة في حقبة اقتصادية جديدة تفوق مستوى الـ 295 مليار دولار، وهو مستوى يتفوق على مستويات الإنفاق في كثير من الدول المتقدمة .. ويضع المملكة تقريبا في المرتبة الـ 14 عالميا من حيث أعلى مستوى إنفاق حكومي حسب بيانات 2014 .. وهي مرتبة تسبق الهند وكوريا الجنوبية (قائمة الميزانية الحكومية حسب الدولة في موقع الويكيبيديا).
أما من حيث الإيرادات، فقد بلغت الإيرادات المقدرة لعام 2019 حوالي 975 مليار ريال، وهي مستويات مقدرة بناء على ثلاثة مكونات : الأول ، وهو مكون الإيرادات الضريبية والتي تقدر بنحو 183 مليار ريال، وهي متوقعة بقوة في ظل نجاح التحصيل الضريبي للعامين السابقين .. والمكون الثاني وهي إيرادات غير نفطية 130 مليار ريال .. وفي مقابل مكون ثالث تقليدي ونفطي بنحو 662 مليار ريال.
توزيع المخصصات في موازنة 2019
في موازنة العام المقبل اتضح أن قطاع التعليم قد استحوذ على نسبة 17 في المئة، مقارنة بـ 20 في المئة في موازنة العام الماضي 2018.. بينما استحوذ قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية على نسبة 15 في المئة في موازنة السعودية 2019، وهي نسبة مماثلة للإنفاق الذي خصص لقطاع الصحة في موازنة 2018، ولكن هناك نمو بنسبة 8 في المئة بالأموال المخصصة لهذا القطاع عند 172 مليار ريال. كما استحوذت النفقات العسكرية على نسبة 17 في المئة من موازنة العام 2019، بعدما تم تخصيص 21 في المئة للنفقات العسكرية في موازنة العام الماضي، ليكون بذلك قد استحوذ قطاعا التعليم والعسكري على نحو 35 في المئة من مخصصات موازنة العام المقبل.